رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

(نحو المستقبل)

اليوم السبت التاسع من سبتمبر هو يوم الاحتفال بعيد الفلاح المصرى، لقد تقرر الاحتفال بهذا اليوم بمناسبة صدور قانون الإصلاح الزراعى عام 1952م الذى حدد الملكيات الزراعية، ومن ثم أخذ الفلاح المصرى حقه فى تملك الأرض الزراعية التى يفلحها ويرويها بعرقه ويسهر على رعايتها وتحسين جودة إنتاجها!

إن الفلاح المصرى هو رمز الصفاء والنماء فى مصر وهو سر بقائها وقوتها، إنه يمتهن مهنة أبينا آدم عليه السلام، هو الذى يقدم لنا كل يوم ما نأكله وما نتغذى عليه ولولاه ما كانت زراعة ولا صناعة، ولظلت الأرض قاحلة لا زرع فيها ولا خضرة، لا شجر فيها ولا رعى! 

لقد كان للفلاح بمصر مكانته السامية منذ بدء الحضارة الإنسانية على يديه فى هذه البقعة التى ولدت فيها الحضارة والمدنية، لقد كان ينظر إليه كسيد، وكم من نقوش ورسوم ونصوص على جدران المعابد وثقت حياته الثرية وأعماله الخالدة وخاصة فى مجال الزراعة وصيد الأسماك والرعى وتربية الماشية. وظلت تلك مكانته وهيبته إلى أن جاء العصر الحديث ومع الحركات الاستعمارية المقيتة على مصر بما فيها الفرنسى والإنجليزى والتركى، تدنت تلك المكانة وأصبح ينظر إليه على أنه أشبه برقيق الأرض، ونزعت منه الملكية لصالح هؤلاء الغزاة والمستعمرين الأجلاف الذين لم يراعوا حقه فى امتلاك أرضه التى يزرعها واستولوا عليها وعلى جهده مقابل حياة متقشفة عانى فيها الويلات وصنوفا من الظلم! ومع ذلك ظل الفلاح المصرى يروى أرضه بعرقه ويعطيها كل وقته بل يعطيها أولاده فى سبيل أن يظل حياً، مجرد أن يبقى حياً يعيش على كسرة خبز وشربة ماء! والطريف أنه كان محسوداً من قبل السادة وأولاد الباشوات على هذه الحياة الفظة المتقشفة، انظر إلى تلك الأغنية التى كتبها بيرم التونسى وغناها محمد عبدالوهاب وأسمهان فى الثلاثينيات من القرن العشرين «محلاها عيشة الفلاح.. مطمن قلبه ومرتاح.. يتمرغ على أرض مراح.. والخيمة الزرقا ستراه.. ياه.. ياه» ! ويا للهول.. لقد حسدوا الفلاح على أنه يفترش الأرض ويلتحف بالسماء! 

وحينما قامت ثورة يوليو 1952م أصدرت ذلك القانون العادل بعودة الأرض إلى ملكية الفلاح الذى يزرعها وأسست له الجمعيات الزراعية وساعدته بالمهندسين والمرشدين الزراعيين، وكم كان فلاحو مصر فى ذلك الوقت سعداء باستعادة كرامتهم الإنسانية وتاهوا فخراً بزعيم الثورة جمال عبدالناصر وهو يصيح فيهم «ارفع رأسك يا أخى لقد مضى عهد الاستعباد»!

لقد كانت تلك أولى خطوات تمتع الفلاحين المصريين بحقوق المواطنة الحقيقية فى بلدهم بعدما حرموا منها طويلاً، وتلتها خطوات أخرى كثيرة فأصبح لأبناء الفلاحين والعمال الحق فى التعليم المجانى والحصول على الخدمات الصحية المجانية.. الخ، كما حصلوا على حق المشاركة السياسية بتمثيل وصل إلى خمسين فى المائة فى عضوية مجلس النواب، وكذلك فى المجالس المحلية والشعبية. أما الآن فقد فرضت التطورات الاجتماعية والسياسية تعديلات كثيرة حيث انتفت هذه التمييزات الطبقية القديمة وتمتع الجميع بالمساواة أمام القانون فى كل شىء. لكن السؤال الآن هو: ألا يزال الفلاح المصرى يتمتع بمكانته التى مكنته منها ثورة 1952م؟! وما مدى ما يشعر به من رضا وسعادة واستقرار حالياً؟! 

الحقيقة التى ينبغى أن نعترف بها هى أنه رغم كل المبادرات الطيبة التى تطلقها الدولة حالياً وعلى رأسها «حياة كريمة»، وبعض المبادرات الخاصة بالصحة والعلاج وبالتسعير العادل للمنتجات الزراعية وتسويقها للدولة أو من خلالها، فإن الفلاح لا يحس بالأمان والاستقرار ولا يشعر بأنه يأخذ حقوقه العادلة مقارنة بفئات كثيرة فى الدولة! كما يئن تحت وطأة استغلال التجار وغلاء الأسعار وفروق السعر الهائلة التى يفرضونها على منتجه الأصلى دون وجه حق! كما يشكو الفلاح المصرى من عدم الاهتمام به وبمشكلاته؛ فلا نقابة جيدة تحميه وتمثله وترفع صوته إلى المسئولين، ولا نظرة رضا وتشجيع تصل إليه من كبار المسؤولين فى الدولة رغم احتفائهم صباح مساء بفئات هامشية لا قيمة إنتاجية لها مثل الفنانين واللاعبين..الخ..

ولعلى أدعو كما دعوت إلى ذلك فى سنوات سابقة إلى إعادة الاحتفال الرسمى بعيد الفلاح كى يكون مناسبة جيدة كل عام لتكريم أكثر الفلاحين إنتاجية وإتقاناً وإبداعاً فى زراعاته وفرصة للفت الانتباه إلى أهمية الفلاح فى حياتنا، خاصة أن اسمه هو رمز الإتقان والنجاح! فهل وصلت الرسالة أم سنعيد التذكير بها كل عام دون جدوى؟!

[email protected]