رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

نداء القلم

لقد مَرَّتْ مصر كما مَرَّتْ بعض البلاد العربية بفترة عصيبة من الإرهاب الأسود اللعين تحولت فيها طاقات العنف فى الرأس المطموس إلى عداء دموى، واختلط الرأى إزاءها مع الدم فى لغة شريرة مُنَفِّرة إلى أن أصبحت دماراً ينسف صاحبه نسفاً، تماماً كما ينسف الأبرياء ممّن لا ذنب لهم ولا قوة على ملاقاة هذا الإثم الطائش والفجور الغشيم. ونظراً لأن رأس الإرهابى رأسُ مطموس شرير؛ فهو لا يتفاهم ولا يتحاور ولا يقيم لغة مشتركة بينه وبين الآخر، ولا يفتح قناة إيجابية تقوم على البصيرة، وتعلى من شأن الوعى، وتغذى روافد الشعور بمطالب الإنسانية والإحساس بالآخرين.

والإرهاب أشكالٌ وألوان؛ يبدأ باللفظة النابية والنظرة القاسية والإحساس المتبلد والكلمة الجافة والشعور المجدب والجلافة الفكرية والتسلط على خلق الله فى البيت والشارع والمسجد والعمل والحارة والأسواق؛ وينتهى باللعنة الغاضبة على الآدميين وغير الآدميين، لتكون اللعنة تدميراً للناس والأشياء والأحياء, وتفجيراً لطاقات العنف البغيض كيما تنال دماء الأبرياء، فيختلط الفجور الآثم مع الأشياء المتناثرة مع الدم البريء فى صورة مفزعة مهولة تقشعر لها أبدان الجلاميد!

إنما الإرهاب قصة نفس ملوثة؛ إذْ الإرهاب هو الإرهاب سواء فى الشرق أو فى الغرب: الشرقيون إرهابيون بالدين؛ والغربيون إرهابيون بالعلم. لو لم يكن الإرهاب بالدين لكان الإرهاب بأى فكر سواه. الإرهاب «قصة نفس» مُلوَّثة، قد لا تكون لها علاقة بالدين ولا بالأفكار، هذا إذا نحن نظرنا إلى المستوى الاجتماعى من حيث إن الدافع للإرهاب تربية وبيئة غير سوية بامتياز. صحيح أن الأفكار تنبت فى بيئة قابلة بحكم طبيعتها أن تغذى الإرهاب وتنميه. وصحيح كذلك أن هنالك أفكاراً عنيفة متطرفة فى الدين إلى درجة الإرهاب، لكن المشكلة ليست فى الفكرة بمقدار ما هى فى حاملها وهو العقل المفكر.

فالعقل هو الذى يفرز الفكرة يقبلها أو يرفضها، ينقدها أو يتركها، تعمل فى وعيه بغير نقد حتى تصبح جزءاً من مكوناته الأساسية. والأفكار التى تعمل فى طبع الإرهابى إنما هى أفكار تمر على عقل معطل ـ أو يكاد ـ عن الوعى والتفكير؛ تنشط فيه الأفكار الهَدَّامة فتعمل عملها السلبى فلا ينقدها بل يتركها بغير نقد ولا تفنيد. فالملاحظ أن دعوات العنف تُفرَّغ من مضمونها الدينى لتُعبأ بمضمون فكرى آخر غير الدين، ولا يزال العنف والجنوح التدميرى وفكرة السيطرة والاستحواذ أموراً باقية كما هى لا تتغير، سواء فى الذين رفعوا لواء الدين أو الذين رفعوا لواء العلم. فلئن كان الشرقيَّون إرهابيين بالدين والغربيون إرهابيين بالعلم؛ فإن التسامح الخالص هو أيضاً «قصة نفس» سَوِّية.