عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو  المستقبل

كم كنت سعيدا حينما زرت العراق الأسبوع الماضى حينما وجدت وعيا متناميا من كل أطياف المجتمع بضرورة النهوض وتحقيق التقدم، وقد شاهدت ذلك بعينى رأسى فى مجالات عديدة.

وقد عبرت عن ذلك فى مقال الأسبوع الماضى، لكن ما إن ظهر المقال حتى لاقى ردود أفعال متباينة، بل شديدة التباين! وكم كانت مفاجأة غير سارة أن أجد أن شدة الخلاف كانت بين الزملاء من أعضاء وحدة الفلسفة والتأويل فى المعهد العالمى للتجديد العربي؛ حيث اتهمتنى إحداهن بالتحيز لإيران التى لم يرد أصلا ذكرها فى المقال من قريب أو من بعيد، واتهمنى آخرون بأنى لا أفهم الواقع العراقى وبأنى لا أعرف مدى الظلم الذى عاناه العراقيون فى الحقبة الصدامية، وأنى لا أعرف كم الفساد والمحسوبية التى يعانى منها العراقيون الآن ..الخ، كما أعلن البعض استقالاتهم من المعهد وانسحبوا من المجموعة! وما كان من المسئولين عن الموقع إلا أن حذفوا المقال وما عليه من تعليقات!

والحقيقة أنه قد غاب عن الجميع تماما اللغة التوفيقية الهادئة التى كتبت بها هذا المقال بالذات، حيث لم يكن الهدف منه إلا الإشارة إلى الجهود البناءة التى تستهدف إعادة بناء العراق الموحد بعيدا عن الطائفية والتحيزات الدينية أو الأيدلوجية! لقد كان الهدف من ذلك المقال تحية أولئك العلماء والعاملين الذين يعملون بكل جدية وفى صمت لرفعة العراق وتنمية موارده البشرية والمادية وتجنيب أهله ويلات الحاجة وعبء الاستيراد، وخاصة فى ظل فترات الحصار والإغلاق الذى ساد العالم فى فترة وباء كورونا!

إن صدمتى الحقيقية كانت من اللغة الصدامية التى تصل إلى حد الشتم والتجريح بين زملاء مثقفين واعين المفروض أنهم الطليعة الأكثر وعيا والأكثر قدرة على استيعاب الرأى والرأى الآخر، وكم كان حريا بالجميع أن يعبروا عن رأيهم دون تطرف أو اتهامات! إن افتراض حسن النية وافتراض أن الجميع وطنيون مسألة فى غاية الأهمية ليتم حوار عربى حقيقى تكون نتائجه إيجابية وفعالة، وإن الإصرار على ذلك من قبل جميع الأطراف لهو الشرط الحقيقى لأى عمل يستهدف تجديد الفكر العربى ونهضة الأمة! إن العيش فى الماضى بأخطائه ومظالمه وحتى بحسناته ونجاحاته لا يعنى شيئا لحل مشاكل حاضرنا ومستقبلنا!

والحقيقة التى يجب أن نعيها كمثقفين أنه إذا  كنا نحن غير قادرين على أن ندير حوارا إيجابيا ومنتجا للتوافق بين أطراف مختلفة الرؤى والأهداف، فلا ينبغى أن نلوم الناس فى شعوبنا على تعصبهم وتطرفهم وأفعالهم الصدامية! كما لا ينبغى أن نطمح أو نأمل يوما فى أن تتوحد رؤى الزعماء العرب على شيء مما يحقق المصالح العربية المشتركة!

إننا أيها المفكرون والمثقفون العرب طليعة هذه الأمة الصابرة المثابرة التى كم تطلعت شعوبها إلى من يأخذ بيدهم نحو التحرر والوحدة والرخاء ولا مجيب! إننا ينبغى أن نحقق فيما بيننا أولا وحدة الرؤية والهدف قبل أن نطلب من زعمائنا وشعوبنا ذلك! إننا فى مرحلة تحولات عالمية متسارعة ومثيرة أساسها المعرفة والحوار، وينبغى أن نكون قادرين فيما بيننا على الحوار الجاد البناء وقادرين فى ذات الوقت على تحصيل أحدث العلوم والمعارف والتقنيات حتى نكون قدوة صالحة لمجتمعنا العربى الكبير وقادة التغيير والتجديد فيه بحق. وكلى أمل فى ألا تقرأوا ما أقول على أنه خطبة وكلام نظرى منمق وموزون، بل على أنه هو طريقنا الوحيد الباقى والمهمة الأكثر خطورة فى حياتنا الثقافية والعلمية الآن وليس غدا.

إننى من جيل تربى على حلم «الوحدة العربية» وعرف عبر العقود السابقة وما مر به العرب من حروب وأزمات وما عانوه من مؤامرات خارجية وداخلية أنه بات حلما مستحيلا! فشفينا من ذلك الحلم البعيد لنطمح إلى حلم أقرب للتحقق وهو حلم أن نبقى فقط مستقلين وقادرين على التنسيق بين دولنا آمنين فى أوطاننا، ربما نستطيع يوما أن نصل إلى وطن عربى يحتضن كل أبنائه دون تمييز طائفى أو دينى أو عرقى، يوفر لكل أبنائه الحياة الكريمة التى تمكنهم من أن يستمتعوا بخيرات بلادهم ويتنقلوا بين بلدانهم دون تأشيرات وجوازات سفر، لكن يبدو أن هذا الحلم الأصغر أيضا لايزال بعيدا.. بعيدا. ولله الأمر من قبل ومن بعد!

[email protected]