عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

بدعوة كريمة من جمعية العميد العلمية والفكرية وجامعة بابل العريقة للمشاركة كضيف شرف فى المؤتمر الدولى العاشر؛ للاحتفاء بالإمام الحسن بن على عليه السلام، الذى عقد برعاية العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية تحت عنوان «الإمام الحسن وريث البيت النبوى»، قضيت عدة أيام فى المدينة التاريخية المقدسة كربلاء التى شهدت فى صدر الإسلام تلك الأحداث الجسام التى انتهت باستشهاد الإمام الحسين رضى الله عنه ورفاقه الأطهار، وكم سعدت أيضاً وتشرفت بزيارة مدينتى النجف والكوفة التى لها فى قلب كل مسلم مكانة خاصة حيث مقام الإمام على ومسكنه الذى كان مقراً لأمير المؤمنين وللخلافة الإسلامية بين عامى 36 و40 هجرية! 

وبالطبع فأينما تجولت فى هاتين المدينتين ومساجدهما التاريخية ستجد مشاهد وذكريات تلك الأيام الخوالى فى عصر الإسلام الأول وتتداعى إلى الذهن تلك الأحداث التاريخية الكبرى التى غيرت وجه التاريخ العام للبشرية عامة وتاريخ الحضارة العربية الإسلامية على وجه الخصوص، وستجتاحك بلا شك تلك المشاعر العاطفية الجياشة التى تستدعيها تلك الأحداث التاريخية. وكم ستتأثر بما تراه حولك من مظاهر الاحتفاء بتلك الشخصيات الإسلامية العظيمة التى صنعت تلك الأحداث، وخاصة بما جرى من صراعات حول خلافة الإمام على بن أبى طالب عليه السلام، وكيف أن شيعة الإمام على لا يزالون يعايشون تلك الأحداث ويحيونها ويلومون أنفسهم على تقصيرهم فى حق الإمام الحسين عليه السلام وعدم استطاعتهم نصرته حتى اليوم. وفى الذكرى السنوية لتلك الأحداث تتوافد حشودهم من كل أنحاء العالم بالملايين على تلك المدينة المقدسة– مدينة كربلاء لزيارة الإمام الحسين عليه السلام والاحتفاء بهذه الذكرى المأسوية فى مشاهد مهيبة تدمى القلوب وتقشعر لها الأبدان! 

واللافت للانتباه أن هؤلاء الذين يعيشون التاريخ ويستعيدونه كل لحظة فى شعائرهم وطقوسهم الدينية هم أنفسهم الذين يحاولون بكل همة وقوة أن يتغلبوا على كل التحديات والظروف المعاكسة ليقيموا نهضة علمية واقتصادية من قلب هذه الظروف الصعبة فى بلدهم النامى العراق؛ فقد شاهدت أثناء زيارتى حركة تحديثية وعمرانية قوية تجتاح المدن المقدسة الثلاث (كربلاء والنجف والكوفة)، ليس فقط فى مجال تحديث أماكن العبادة وتسهيل حركة العباد والمواطنين، بل أيضاً فى مجال التعليم والزراعة والصناعة، فقد زرت بالفعل عدة مشاريع زراعية وصناعية تتم بالتوازى ويستخدم فيها أحدث التقنيات العالمية ويديرها ويقوم على تطويرها علماء محليون استطاعوا الإلمام بكل ما يجرى فى العالم المعاصر وتكييفه وفقاً لحاجاتهم وإمكاناتهم المحلية، ما ينبئ بأن أبناء العراق الشقيق سيستطيعون- إذا ما واصلت العتبات المقدسة والحكومة دعم هذه المشروعات- خلال سنوات قلائل تجاوز كل المشكلات التى تسببت فيها سنوات الحروب والحصار التى عرقلت حركة التقدم والنهوض لسنوات طوال وأثرت بالسلب على قدرات العراق المادية والبشرية!

وكم كان مفاجئاً لى ما رأيته من قدرات وإمكانيات بشرية ومادية متقدمة جداً فى مجال التعليم بالجامعتين الناشئتين الفتيتين اللتين أتاح وقتى المحدود زيارتهما؛ جامعة الكفيل التى تشرفت بمقابلة رئيسها ومعاونيه، واطلعت على معاملها وقاعاتها المجهزة بأحدث التجهيزات العلمية والتعليمية والتى تتمتع بشراكات علمية مع الجامعات العالمية المتقدمة، وكذلك جامعة العميد التى زرت بعض منشآتها وبعض مشاريعها التربوية وبرامجها التربوية والتدريبية. 

والحقيقة أن الحماس الذى رأيته فى وجوه قيادات هذه المؤسسات التربوية والتعليمية وأساتذتها والعاملين فيها ينبئ– لو توافرت الظروف الباعثة للنهوض والبيئة العلمية والمادية الملائمة– بأننا سنشهد عما قريب نهضة علمية جديدة تعيد العراق إلى مكانته الطبيعية فى طليعة حركة النهضة العربية المعاصرة. 

[email protected]