عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

(نحو المستقبل)

يبدو من النظرة الأولى للواقع الذى نعيشه أن الإجابة عن هذا السؤال بنعم، فكم من وظائف فى وزارات وهيئات وجامعات وأحياء وشركات تنتظر تعيين رئيسها ولا مجيب! ويظل الموظف الأدنى قائما بالعمل لفترة قد تطول لسنوات، ويكون عاجزا بالفعل عن اتخاذ ما هو ضرورى من قرارات أو على الأقل يخشى ذلك! وكم من مؤسسات تضررت وضعفت مكانتها وقل تأثيرها وجودة منتجها نتيجة لهذه الظاهرة المريبة التى يعانى منها مجتمعنا!

ولا أدرى سببا واضحا أو منطقيا لذلك، إذ إن هناك قوانين منظمة يعلمها جيدا المسئولون عن تعيين هذه القيادات، وهناك كتائب من المستشارين والمساعدين الذين ينبغى أن يقوموا بواجبهم فى إعداد وتجهيز قرارات التعيين لهذه الوظائف القيادية الشاغرة، أو على الأقل التجديد للقيادات الموجودة بالفعل! والمحلل لهذه الظاهرة الغريبة يجد نفسه أمام بديلين؛ إما أن من بيده القرار مقتنع بوجود هذه القيادات فى مكانها ولا يزعجه ما سيترتب على وجودهم من ضعف أو قصور فى الأداء! أو أنه ليس لدينا بدائل لهؤلاء القادة الذين انتهت مدتهم أو حان وقت خروجهم إلى سن التقاعد! وفى كلتا الحالتين نحن أمام مشكلة ينبغى مواجهتها حتى لا تتكلس مفاصل الدولة وتفقد هذه المناصب أهميتها وهيبتها، ومن ثم نجد أنفسنا بكل بساطة متجهين إلى مسار ما يسمونه بالدولة الهشة أو الفاشلة! وربما يكون السبب المباشر لهذه الظاهرة تلك المركزية الشديدة التى أصبحت سمة من سمات نظامنا السياسى، حيث أصبحت التعيينات لهذه المناصب بيد رئيس الدولة أو رئيس الوزراء بعد أن كان الكثير منها بيد الوزير المسئول أو من ينوب عنه فى ذلك فى الهيئات وفى المحافظات المختلفة! 

إن حيوية أى مجتمع مدنى تقاس بمدى قدرة ومرونة المسئولين على اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب والالتزام بالقوانين والحرص على تطبيقها فى كل الأحوال بتجرد وموضوعية، كما أن من أهم قيم ثقافة التقدم بعد احترام القانون فى كل صغيرة وكبيرة الاعتماد على المؤهلين حقا للقيادة والذين يتمتعون بالخبرة اللازمة فى مجال تخصصهم طبقا للمبدأ العام الذى يتم تجاهله الآن فى اختيار الكثير من تلك القيادات، وهو «الشخص المناسب فى المكان المناسب»! لقد أصبحت الوظائف العليا فى مجتمعنا للأسف مقصورة على طبقة معينة مغلقة ممن يُعرفون بأهل الثقة دون غيرهم، لدرجة أن تجد أحدهم يشغل عدة وظائف قيادية منها الحكومية ومنها التشريعية ومنها الاستشارية فى وقت واحد وكأنه الوحيد فى هذا البلد القادر على القيام بهذه المهمة أو تلك! ولا شك أن هذا يعد سببا رئيسيا فيما نعانيه من مشكلات حياتية ومجتمعية واقتصادية لا حصر لها! فأهل الثقة لا يمكن أن يكونوا خبراء فى كل المجالات وهم فى النهاية - نتيجة لجهلهم بطبيعة ما يوكل إليهم من مهام تحتاج للتخصص الدقيق والرؤية الشاملة الواعية - لن ينشغلوا إلا بتحقيق مصالحهم الخاصة! 

إن الاعتماد على هذه الدائرة الضيقة من أهل الثقة وتابعيهم يُفقد المجتمع والدولة فرصة الاستفادة من كفاءات وخبرات عظيمة مهملة موجودة بيننا وتنتظر فرصة الإسهام فى إنهاض وطنها وصنع تقدمه.

إننا نطمح إلى تدشين جمهورية جديدة فعلا تتسع قاعدة المشاركة السياسية فيها لكل الكفاءات والخبرات الوطنية فى كل المجالات بعيدا عن شلل المنتفعين والمنافقين وتوريث المناصب! إن مصر – فى ظل ما تعانيه من أزمات الآن وبالذات على الصعيد الاقتصادى– تحتاج للاستفادة من خبرات كل أبنائها الوطنيين المخلصين فى الداخل والخارج، تحتاج لحكومة جديدة بوجوه وخبرات جديدة تمتلك القدرة على اتخاذ قرارات جريئة ومدروسة تنشلنا من هذه الأزمة الاقتصادية الطاحنة، وتعيد الحيوية والريادة إلى حياتنا الفكرية والثقافية، حكومة تمتلك الرؤية الشاملة وتقديم حلول تشريعية جذرية لكل ما يكبل حركة المجتمع ويعيق تقدمه فى كل مجالات الحياة وخاصة فى مجالى التعليم والصحة، حكومة تملك القدرة على ضبط الأسواق والسيطرة على جنون أسعار السلع والخدمات، حكومة تنحاز إلى تلبية مطالب المواطن العادى وتمكنه من أن يحيا بالفعل حياة كريمة لا يعتمد فيها على المساعدات والمنح الخيرية أيا كان مصدرها! ولنرفع جميعا فى هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن شعار: تحيا مصر بكل أبنائها المخلصين. 

[email protected]