عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

فى حديث إذاعى قديم أجراه الإعلامى الشهير مفيد فوزى مع الأديب العظيم نجيب محفوظ سأله عن المرأة فقال: إن المرأة هى رابطتنا بالحياة فى كل مراحلها، ففى الطفولة هى الأم، وفى مرحلة المراهقة والشباب هى الحب والرومانسية، وفيما بعد هى الزوجة والحبيبة، أما فى مرحلة الشيخوخة فالحياة بدونها قبر! وقد استوقفتنى العبارة الأخيرة كثيراً، هل فعلاً الحياة بدون امرأة قبر؟! ووجدتنى اتساءل عن مدى صواب هذا القول، ولماذا لا يكون العكس هو الصحيح؟!

صحيح أن مرحلة الشيخوخة تحتاج لمن يؤنس للرجل وحدته ويساعده فى تدبير شئون حياته، لكن يمكن أن يقال نفس الشىء بالنسبة للمرأة، وصحيح أيضاً أن المرأة ربما تكون أكثر قدرة من الرجل على العيش فى هذه الفترة بمفردها أكثر من الرجل، لكن ليس معنى ذلك أن الرجل لا يمكنه ذلك أيضاً! لكن السؤال هو: ألا تحتاج شيخوخة الرجل إلى الاستمتاع بحياة هادئة يغلب فيها التأمل على حياة الصخب وإثارة المشاكل؟!

ولما كان من المعروف أن طبيعة المرأة تميل إلى تغليب العواطف وتعشق التجديد وحياة السهر وخلافه، ومن ثم فهيهات أن تتفهم المرأة فى هذه المرحلة حاجة الرجل إلى الهدوء والاستقرار! وهنا نعود إلى نجيب محفوظ وعبارته المثيرة للشجن لنتساءل من جديد: أى الحياتين أفضل للرجل؟! حياة الوحدة والعزلة والهدوء التى ساواها محفوظ بحياة القبر، أم الحياة مع امرأة قد تقلب حياته ضجيجاً وربما جحيماً وخاصة إذا كانت من ذوات الطبع النارى الصاخب كثير المطالب؟!

هنا ستتفاوت الإجابات بحسب اختلاف الطبائع والميول ونظرة كل منا إلى ذاته وأهدافه من الحياة، فإن كان من محبى الحكمة والعزلة فسيفضل عزلته على وجود تلك المرأة الثرثارة كثيرة الكلام والمطالب، ولن يعتبرها حياة تساوى الموت بأى حال! أما إن كان ممن يميلون إلى حياة المغامرة وارتياد وتجربة كل وأى جديد فهو سيفضل حياته مع المرأة أياً كانت طبيعتها وما ستوفره له من متع وإن خالتطها المشاكل والأزمات، وبالطبع لن يشعر مع هذه الحياة المتجدده أنه يعيش حياة القبور! وفى كلتا الحالتين تسقط مقولة أديبنا الكبير لأن من يعيش الحياة رغم ما يمكن أن يعانيه فيها من آلام وأوجاع لا يمكن أن يساويها بحياة القبور.

وبوجه عام، إن الحياة جديرة بأن تعاش مهما كانت آلامها، فليس معنى قول بوذا على سبيل المثال إن «جوهر الحياة هو الألم» أن نكرهها ونتخلص منها ونجعلها أشبه بحياة القبور، كما أنه ليس معنى الآية الكريمة «وخلق الإنسان فى كبد» أن يتصور الإنسان أن حياته عبثية ولا قيمة لها مفضلاً عليها الحياة الآخرة فيحيا باختياره حياة البؤس والعوز متصوراً خطأ أنه المفضل عند الله، متناسياً أن المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف!

وعود إلى بدء، إن حياة الرجل دون امرأة فى حياته تعد حياة ناقصة وعرجاء، وكذلك حياة المرأة دون رجل! فحكمة الحياة والخلق أنهما خلقا يكمل أحدهما الآخر، ومن يتصور غير ذلك يجانبه الصواب! وهنا يمكن القول إن القدر والحظ يلعبان الدور الأهم فى أن يجد كل طرف ما يتوافق معه ويحبه بصدق، إذ لو وجد الحب والألفة والمودة الحقيقية بين الطرفين لأصبحا روحاً واحدة فى جسدين، ولكانت المرأة بحق نوراً يضىء حياة الرجل ويستمتعان معا بأقصى درجات السعادة. أما إذا لم يتوافر ذلك بين الطرفين لعاشا معاً حياة تسودها المشاكل والقلق ونقصان السعادة ولكانت المرأة بعواطفها وانفعالاتها الجياشة ناراً تحرق كل أمل فى حياة السعادة والاستقرار!. 

وفى كل الأحوال الحياة جميلة وتستحق أن تعاش، وأن نلتمس فيها السعادة أياً كانت الآلام والمشكلات التى نعانيها فيها. وكم أتمنى لجميع البشر حياة سعيدة وإن تفاوتت حظوظنا فى الشعور بالسعادة. 

[email protected]