رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صكوك

فى تصريح مزعج قال مساعد وزيرة التضامن الاجتماعى عمرو عثمان إن مخدر الحشيش هو الأعلى انتشارًا بين الحالات الإيجابية فى حملات الكشف عن متعاطى المخدرات بالجهاز الإدارى للدولة يليه «الترامادول» ثم «الشابو والاستروكس».

وقبلها كان هناك خبر صحفى يؤكد تورط 23 موظفًا بينهم 16سيدة فى إيجابية تحليل المخدرات بإحدى المحافظات.. أخبار وتصريحات ليست مفاجأة بعد أن أصبح الموظف المصرى لا يستطيع مواجهة الواقع والأزمات التى يعيشها إلا بالغياب عنها، ولا يكون هذا الغياب إلا بالمخدرات لخلق حالة من الخروج من الواقع، كثير من الموظفين- وليسوا الصنايعية أو العاطلين- مدمنو مخدرات، ولكن ربما هذا الوصف ليس دقيقًا لكون الإدمان دائمًا ما يوصف صاحبه بأنه مريض لا يقدر على الحياة والنشاط، ولكن هؤلاء الموظفين رغم إدمانهم اليومى للمخدرات وخاصة الحشيش لا توجد عليهم أعراض ظاهرة ويكتشف أمرهم فقط من خلال التحليل.. أحد الأصدقاء أكد لى أن هناك بعض الأدوية من الممكن أن تؤثر فى نتيجة التحليل وتجعله إيجابى مخدرات، ولكن للأسف بالفعل أعرف موظفين لا يستطيع الواحد منهم الاستغناء ليلة واحدة عن تدخين الحشيش ويرفض تمامًا أن يطلق عليه مدمن، فهو يعتقد أنه بإمكانه الاستغناء عن هذا المخدر بإرادته ولكنه لا يريد فهو يستمتع بتلك الحالة، وهو لا شك هروب من الواقع.. الكثير من مدمنى المخدرات يؤدون الصلاة ويرفضون شرب الخمر ويعتبرونه حرامًا، إنما المخدرات وخاصة الحشيش يعتبرونها عطارة حلال؛ ليحيلنا ذلك الرأى إلى الكاتب العبقرى نجيب محفوظ فى روايته التى تحولت إلى فيلم «ثرثرة فوق النيل» والذى تناول واقع هروب المصريين من الواقع بالحشيش.. وجملة الفنان عماد حمدى الشهيرة. : «الحشيش ممنوع والخمرة مش ممنوعة طب ليه؟! ده بيسطل المخ ودى بتلطش المخ.. ده حرام ودى حرام ده بيضر بالصحة.. ودى بتضر بالصحة.. الحشيش غالى والخمرة أغلى منه.. اشمعنا القانون متحيز للخمرة.. القانون بيفوت للخمرة علشان بندفع عليها ضرائب طيب فوت للحشيش وندفع عليه ضرائب».

الدولة انتهجت طريقًا كان من المفترض أن يتم البدء فيه منذ سنوات ورغم تأخرها فى الكشف على موظفيها ليس للإضرار بلقمة العيش والسعى لفصلهم بل لعلاجهم من تلك الآفة المزعجة، ولكنها بعد تحمس فى بداية الأمر توقفت قليلا، وقتها ظن الجميع أن المسألة انتهت وأنها لحظات من الحماسة ولكن الآن عادت الدولة من جديد لعلاج الموظف الذى بالفعل يحتاج إلى التوقف عن شرب الحشيش، ولكن هل تسمح الظروف التى يمر بها بمساعدته للتوقف؟ الأمر يحتاج إلى هيئة نفسية كبيرة تحترم الخصوصية وفى الوقت نفسه تعالج وليس هو نوع من الردع والعقاب، كما أن الأمر يحتاج إلى المزيد من الكتمان لخطورة وخصوصية الأمر، خاصة إذا وصل الأمر لاكتشاف حالات إيجابية من الموظفات وهو أمر ربما يكون مستغربًا فى بداية التعرف عليه، بل هو يصل إلى درجة التعجب والدهشة ولكن تزول تلك الدهشة عندما تعلم أن المرأة العاملة أصبحت هى عمود الأسرة، بل فى كثير من الأحيان هى مصدر الرزق الوحيد للأسرة فى ظل حالة البطالة وإغلاق بعض المصانع وأن الموظفه ربما تلجأ إلى الحبوب المخدرة فى بعض الحالات حتى تستطيع أن تواصل العمل ما بين عمل الوظيفة الذى أصبح يعتمد عليها وعملها أيضاً فى المنزل فهى كما يقولون تطبق أو تعمل وظيفتين فى عملها نهارًا وفى مسكنها مساء، مما يدعوها إلى تعاطى مخدرات تعينها على تحمل المجهود والمواصلة فى الحياة.

علينا أن نتأكد أن الموظفة المصرية ليست صاحبة كيف ومزاج وأنها مثل زميلها الموظف الذى يهرب من الواقع بجلسات الحشيش، ولكنها تتناول المخدرات لمواصلة الحياة وليس الهروب منها.. وهناك فارق كبير.. أعتقد أن العلاج إن لم يكن سريًا لا يطلع عليه أحد فلن يجدى ولن يحقق أهدافه وهو الحصول على موظف سوى كامل العقل واللياقة يستطيع مواصلة وظيفته دون أى انحرافات أو عقبات ومصاعب.. ربما لم يكن فيلم ثرثرة فوق النيل للمخرج حسين كمال للرائع فى الأداء الفنان

عماد حمدى الذى يكتب بيانًا غير مكتمل إلا سطرين بسبب نفاد قلم الحبر بينما يظل يكتب إلى نهاية السطر؛ لأنه يبين لنا غباء الناس فى مهنتهم وأعمالهم فى دائرة الحكومة.

إنه فيلم يمثل واقعًا حادثًا فى مجتمعنا، حيث يهرب البعض من الواقع بالحشيش الذى يجرمه القانون فى الوقت الذى لا يجرم فيه الخمر ويسمح بتداولها فى بعض الأماكن المصرح ببيعها، بينما تصل عقوبة تاجر المخدرات إلى الأشغال الشاقة المؤبدة وربما الإعدام.. فى الوقت الذى لا يستطيع الآلاف ربما الملايين من الموظفين الاستغناء عن إكسير الحياة كما يدعون مخدر الحشيش.