رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

كثيرًا ما سألت نفسى ما مغزى الحياة وما جدواها؟! ولا يظن أحد أنها أسئلة إنسان ضاق بالحياة أو يسعى للخلاص منها! بل على العكس فهى أسئلة محب للحياة ويسعى للحفاظ عليها وللسعادة فيها، لقد جئنا إلى الحياة بإرادة الله الخالق، جئنا لأداء رسالة هى أن نعمر الأرض ونبنى الحضارات ونحيا حياتنا الدنيا مستمتعين بخيرات الطبيعة من حولنا. 

وهنا يثار السؤال: إذا كانت رسالة الإنسان فى هذه الحياة هى التعمير وبناء الحضارات فهل يتسق ذلك مع ما نراه من أعمال الحروب وإفساد الطبيعة واستنزاف ثرواتها وتدمير بيئة الحياة على ظهر الأرض؟! هل يتسق ذلك مع حرق الغابات وخرق كل قوانين الطبيعة التى يمارسها الإنسان بمحاولاته الحثيثة للتدخل فى الطبيعة؟! هل يتسق ذلك مع ما يصدره الإنسان من تشريعات تبيح ما لا يباح وتستحسن ما ينبغى أن يجرم؟! إننا فى عصر انقلبت فيه المعايير وأصبح فيه الإنسان هو الكائن المخرب، هو الكائن غير الواعى بمصلحته، غير المدرك لأبعاد ونتائج أفعاله مع أنه -فى نظر نفسه - هو الكائن الوحيد العاقل الواعى!

إن الإنسان المعاصر يعيش فى اعتقادى مرحلة انتقالية خطيرة بين أن يستفيق ويدرك مدى خطورة أعماله واختراعاته وتأثيرها المدمر على حياته وحياة كل الكائنات الحية على الأرض، وبين أن يتجه مغمض العينين وفاقد الوعى نحو مصيره المحتوم وهو الفناء!

أقول ذلك فى الوقت الذى نشاهد فيه جميعا كيف تغيرت الأحوال المناخية فى العالم، وبدلا من أن كنا ننعم جميعا كبشر وكائنات حية بأجواء معتدلة تراوحت بين أجواء حارة أو باردة نستطيع تحملها على مدار العام، أصبحنا متجهين كما تقول تنبؤات كل المختصين إلى أجواء شديدة الحرارة وحارقة صيفًا وشديدة البرودة لدرجة التجمد شتاء! أقول ذلك والحرائق تجتاح عدة بلاد أوروبية وهى المعروفة ببرودة الجو معظم فترات السنة! وفى ذات الوقت تشهد الصين وبعض البلاد الأسيوية أمطارًا رعدية لا تتوقف نتج عنها فيضانات وغرق قرى ومدن ووفاة عشرات وربما مئات من البشر، فضلا عن الحيوانات والكائنات الحية الأخرى! أقول ذلك ودعاة الحرب فى كل أنحاء العالم يشعلون فتيل الحرب العالمية الثالثة بتشجيعهم على استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وكلما حان وقت إخمادها يزيدونها اشتعالا! أقول ذلك والحرب بين السودانيين بعضهم البعض مشتعلة لتدمر مظاهر المدنية التى كانت قد بدأت تظهر على استحياء فى العاصمة الخرطوم لتعيد مواطنى السودان مرة أخرى إلى الحياة البدائية! أقول ذلك والنار تحت الرماد فى كثير من الدول العربية والإفريقية فى ليبيا ولبنان والعراق وسوريا والنيجر والصومال وتشاد.. الخ.

إن كل ذلك وغيره يؤكد على صدق الفلسفة الطاوية القديمة فى الصين التى لخصتها مقولة زعيمهم لاؤتسى الداعية إلى «عدم الفعل»، إذ إن خير ما يفعله الإنسان فى نظره هو أن يتوقف عن الفعل! وكان يقصد بذلك أن على الإنسان أن يقتصر على ما هو ضرورى فقط من الفعل وألا يتمادى فى تدخلاته فى الطبيعة للدرجة التى يجبرها فيه على الرد بعنف عليه وعلى تدخلاته الضارة! 

ولعل الآية الكريمة التى تقول «ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون» (سورة الروم – 41) تؤكد تلك الرؤية الثاقبة لضرورة أن يُعمل الإنسان الواعى عقله وأن يدرك الحدود التى ينبغى أن يُوقف عندها تدخلاته فى الطبيعة حتى لا يؤذى نفسه ويدمر بيئة الحياة الصالحة له ولغيره من الكائنات! إن الطبيعة التى خلقنا الله وخلق الكون عليها ينبغى أن تحترم، ولا ينبغى تحت ذرائع مختلفة وآراء متطرفة أن نخوض ونتمادى فى اختراق هذه القوانين وتحديها، ففى هذا هلاكنا! 

إن على البشر فى عصرنا الراهن أن يتوقفوا لحظات للتأمل، تأمل مغزى حياتنا ووجودنا على هذه الأرض، إذ ينبغى أن نحرص على كل ما هو طبيعى، وأن نحميه حتى لا نهلك أنفسنا ونورث الأجيال القادمة «الأرض الخراب»!

[email protected]