رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طلة

كلما شعرت بضيق فى صدرى لجأت لقراءة سورة يوسف، تلك السورة التى جاء نزولها على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للتسرية عنه وتثبيته والشد من أزره. 

جاءت لتخفيف الآلام والأحزان التى انتابت أشرف خلق بعد وفاة أكبر نصيرين له فى بداية دعوته، عمه أبو طالب الذى كان يحميه من تجبر كبار عائلات قريش، وزوجته وحبيبته السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها وأرضاها، أول من صدقته وآمنت به وبدعوته؛ لذا أنزل الله على قلب نبيه هذه السورة الكريمة للمواساة وبعث الأمل فى قلب نبيه الكريم فى عام الحزن.

سورة يوسف من أشهر قصص القرآن وقد وصفها الله عز وجل بأحسن القصص؛ لذا من الطبيعى أن يكون لوقعها فى قلوب الناس على اختلاف أعمارهم أثر طيب، حتى الأطفال تجدهم قد تعلقت قلوبهم بهذه السورة ويحبون أن يسمعوا حكاية ذلك الطفل الذى تربص به أقرب الناس إليه وهم إخوته الذين كانوا يحسدونه لقربه من قلب أبيهم أكثر منهم، مع أن ذلك القرب كان طبيعيا، فهو الأصغر عمرا والأصعب ظروفا، حيث ماتت أمه وهى تلد شقيقه بنيامين، بينما يوسف لا يزال طفلا صغيرا، فذاق اليتم الذى حاول معه سيدنا يعقوب أن يعوضه عنه فميزه عن أشقائه الكبار الذين وبحكم السن لا يحتاجون بالطبع لنفس درجة العطف والحنان. لكن الحقد الذى ملأ قلوبهم تجاه أخيهم جعلهم يكيدون له كيدا لدرجة أن ألقوه فى غيابة الجب، ثم هذا التطور الدراماتيكى العجيب للحكاية الشيقة، إذ إن هذا الطفل تعرض لتجربة فريدة من البقاء فى الجب حتى التقطه بعض السيارة وباعوه فى أسواق النخاسة فاشتراه عزيز مصر ليعيش فى قصر الوزير الأول، ثم شب قليلا، فعشقته امرأة العزيز ليبدأ مرحلة جديدة من المعاناة وهو يقاوم كيدها وكيد النسوة فى المدينة، مما كان نتيجته السجن رغم براءته المؤكدة التى جاءت على لسان شاهد من أهلها.

دراما قصة يوسف جعلتها مصدرًا لإلهام العديد من الأعمال الفنية والروايات الأدبية، حيث تجمع فى طياتها كل عناصر التشويق. لم يقتصر الاهتمام بقصة يوسف على المسلمين فقط، بل كانت مصدرًا لإلهام المبدعين من كل الشرائع السماوية الأخرى. أذكر عام 1994 وفى أول زيارة لى للولايات المتحدة الأمريكية أن شاهدت فى شيكاغو مسرحية استعراضية غنائية بعنوان»جوزيف»، أى يوسف، وتتناول قصة سيدنا يوسف واستمرت على مسارح أمريكا أعوامًا كثيرة.

من أكثر الآيات التى تستوقفنى فى سورة يوسف عندما تعرف الأخوة عليه أخيرا فقالوا له: «أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخى قد منً الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين».

رسالة واضحة من المولى عز وجل لنبيه الكريم ولنا جميعا فى ختام السورة. اتقى يوسف ربه فى كل خطوة من خطوات حياته فجاء الجزاء الوفاق الذى يكافئ الله به عباده المتقين.

لقد حفلت سورة يوسف بالعديد من الرسائل لكل حزين أو مهموم، خلاصتها أن الفرج بعد الشدة والعسر بعد اليسر وعد وسنة إلهية بشرط الصبر والثبات على الحق، فأبشر يا كل حزين فالفرج آت لا محالة مهما اشتدت المصاعب وتكالب أهل الباطل. نعم ستدور الدوائر وكل من كان منكسرًا سيكون -وإن طال الوقت- مبتسمًا.