عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مضت لغتنا فى طريقها الوطنى فى مسارات عديدة كان منها كما قدمنا فى الحلقة السابقة الغناء، وهذه قصيدة دعاء الشرق للشاعر محمود حسن إسماعيل كتبها مع قيام ثورة يوليو 1952، وانطلق بها محمد عبدالوهاب شاديا، ومثلها كثير مما غناه محمد عبدالوهاب من قصائد: 

أنشودة السودان «آلام الخلف..» لأحمد شوقى 1945، والشباب لصالح جودت 1947، وفلسطين لعلى محمود طه 1948، ونشيد بنك مصر لحسين العقاد، والحرية لكامل الشناوى 1952، ونشيد القسم لمحمود عبدالحى 1955، وقولوا لمصر تغنى معايا لأحمد شفيق كامل 1956،، وحرية لحسين السيد 1956، والسعد جالك يا مصر زيك لعبدالمنعم السباعى 1956، والوحدة لحسين السيد 1958، والوطن الأكبر لحسين السيد 1958، وبطل الثورة لحسين السيد 1958، وناصر لحسين السيد 1961،ودقت ساعة العمل لحسين السيد 1962، وكل أرض عربية لكامل الشناوى 1962، وكل أخ عربى لحسين السيد 1966، وحرية أراضينا.

وهذا مثال آخر مهم، وهو موقف الشعر إزاء سقوط بغداد المعاصر مع عاصفة الصحراء فى 17 من يناير 1991، وعلى أنياب ذئب الصحراء 1998، وتحت سنابك ونيران أسطول المارينز 2003، حتى سقطتْ بغداد فى إبريل من ذلك العام الحزين، والذى نافس، وفاق، وبذ سقوطها القديم فى العصور الوسطى.

 وهكذا مضت اللغة العربية فى المضمار الوطنى فى سائر الفتون الأدبية، ومنها الشعر محتفلة بالمواقف الوطنية، مثلما كانت قصص: «الغارة» لإبراهيم الوردانى، و«قتال فى الليل» لسعد حامد، و«الماس» لمحمود البدوى، و«مصرية» لسعد مكاوى، وما كتبه نجيب محفوظ، ومحمد عبدالحليم عبدالله، وثروت أباظة، ويوسف إدريس، وإحسان عبدالقدوس، وجاذبية صدقى، وعبداللطيف وأكد، وحسن البسيونى، وإبراهيم عبدالحليم، وأمثالهم مما يفوق الحصر: شعرا ونثرا « فى ذكرى العدوان الثلاثى، الشئون العامة والتوجيه المعنوى، مطبعة التحرير، نوفمبر 1961. 

وحين قدّم عبدالتواب يوسف لديوان شاعر الأطفال محمد الهراوى، الذى جمعه ودرسه، هيئة الكتاب، القاهرة 1985 ص 276 أشاد فى الخاتمة بأهمية الشعر للناشئة، وكان من التفاعل الشعرى مع ثورة 25 من يناير 2011 ديوان «إبكاريوس، أو فى تدبير العتمة: حكايات شعرية، يوميات من ثورة 25 يناير» لعلاء عبدالهادى، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة 2016، فى 260ص، والكثير غيره.

أما الشعر الشعبى، أو شعر العامية فقد كان أشد ارتباطا بالجمهور، من خلال منافذه المتعددة بين: المقهى والشارع والحى والحقل والمصنع والمصطبة والصحيفة والأغنية، متوغلا فى القضايا الاجتماعية والوطنية والتحررية، ويكفى أن نسوق لذلك مثلا بمحمود بيرم التونسى «1893ـ 1961»، الذى بيّن، فى أشعاره، وظيفة الفن الاجتماعية والوطنية، وعانى فى سبيل ذلك، فتم ترحيله ونفيه إلى تونس فى الخامس والعشرين من أغسطس 1920، ليغادرها بعد أربعة أشهر بسبب مطاردة الشرطة إياه، فيذهب إلى مارسيليا، ليعمل عتالا، وعاملا، يضيق بالمنفى فى ليون، فيزوّر جواز سفره متجها إلى مصر متنكرا لميناء بورسعيد، وذلك يوم 27 من مارس 1922، فالقاهرة فالإسكندرية، مستجيبا لنصائح سيد درويش، ولينفى مرة ثانية إلى فرنسا، ليلتقى بالزعيم سعد زغلول، وليلتقى بعزيز عيد، وفرقته مع زوجه فاطمة رشدى، ثم يذهب إلى تونس مرة ثانية ليعمل بجريدة الزمان،، وفى عام 1936 يذهب إلى سوريا ولبنان، ثم يعود إلى مصر 1938، ليشيع شعره الوطنى على الألسنة، وفى الغناء، وفى الصحافة الناقدة«2»، واتصل بذلك وساعده على الذيوع والانتشار إلى جانب الأغنية المجلات والصحف الناقدة الساخرة المتهكمة، ومنها: 

مجلة حمارة منيتى لمحمد توفيق، والمسلة، والخازوق لبيرم التونسى، والفنون لكمال الحلى التى أغلقتْ 1928، والزمان بتونس، والصاعقة لمحمود رمزى كاظم، والمطرقة، وياهوه لأحمد شفيق ومساعدة بيرم التونسى، إلى جانب مجلات عديدة، ومنها: مجلة التراث الشعبى، بغداد، والفنون الشعبية، القاهرة.

وهكذا كانت أغنيات : الجيل الصاعد لحسين السيد 1961، وأرض الشهداء لعبدالمنعم السباعى سنة 1969 وأنشودة الاتحاد لصالح جودت 1972 بقيام دولة الإمارات. 

واشتهرتْ قصيدة نزار قباني: «هوامش على دفتر النكسة»، التى أثارت دويا هائلا فاق ما أحدثه أى نوع أدبى آخر، وقد ضمّنها ديوانه، ثم اختارتها ابنته هدباء قبانى ضمن «كتاب فى جريدة،ع 18، أبريل 1999» فى ذكرى رحيله، وجاءت فى عشرين فقرة، تتناول جوانب التراث والحضارة، والسياسة، والوطنية، والحرية، والقمع، والديمقراطية، والديكتاتورية، وتربية الناشئة، ولأهميتها أثْبت نصها كاملا هن:

1ـ أنعى لكم يا أصدقائى اللغة القديمة/ والكتب القديمة/ أنعى لكم/ كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة/أنعى لكم/ أنعى لكم/ نهاية الفكر الذى قاد إلى الهزيمة.

2ـ مالحة فى فمنا القصائد/ مالحة ضفائر النساء/ والليل والأستار والقصائد/مالحة أمامنا الأشياء.

3ـ ياوطنى الحزين/حوّلْتنى بلحطة/ من شاعر يكتب شعر الحب والحنين/ لشاعر يكتب بالسكين.

4ـ لأن ما نحسه/ أكثر من أوراقنا/ لا بد أن نخجل من أشعارنا.

5ـ إذا خسرنا الحرب لا غرابة/ لأننا ندخلها/ بكل ما نملك من خطابة/ والعنتريات التى ما قتلت ذبابة/ لأننا ندخلها/ بمنطق الطبلة والربابة. 

 * ناقد وعضو المجْمع العلمى المصرى، وأستاذ النقد بجامعة عين شمس.