رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

فى الساعة الثامنة والنصف مساء يوم الثلاثاء 24 أبريل 1990، بينما كانت الملايين فى مصر المحروسة تتابع فوازير رمضان، وتشاهد شهرزاد فى دراما ألف ليلة وليلة وهى تقول: بلغنى أيها الملك السعيد ذو الرأى الرشيد، ويستعدون لمتابعة الجزء الثانى من الملحمة الوطنية «رأفت الهجان» ورحلته فى تل أبيب، فجأة انقطع الإرسال وانطفأت الأنوار، وأظلمت مصر بالكامل، اعتقد البعض وقتها أن انقطاع الكهرباء قد أصاب المنطقة التى يسكنها فقط، وسيعود التيار كعادته بعد فترة من الزمن طالت أو قصرت.

ولكن فوجئ الجميع أن الظلام قد حل على مصر، وتوقفت فيها الحياة بصورة لم تحدث من قبل، وبدأ الارتباك، حالة ازدحام فى الشوارع، طوارئ فى السفارات، تشديد الحراسات على البنوك، إلى أن عادت الكهرباء إلى جميع المحافظات بعد ساعتين من الانقطاع، ساد فيهما الظلام والرعب كل ربوع المحروسة، ومن الأقدار العجيبة أن دراما «ألف ليلة وليلة» كانت بعنوان «حمَّال الأسية»!

وإذا كانت هذه الواقعة هى المرة الأولى التى انقطعت فيها الكهرباء عن محافظات مصر لمدة ساعتين فى وقت واحد، بسبب عاصفة رعدية، إلا أن الانقطاع المتكرر للكهرباء عن بعض المناطق لم يكن هو المرة الأولى، سواء قبل تاريخ الواقعة السابقة أو بعدها، وصولًا إلى اللحظة التى تقرأ فيها هذه الكلمات، ليصبح انقطاع الكهرباء ضيفًا ثقيلًا ومتجددًا على البيوت المصرية، يظهر ويختفى كالقضاء المستعجل، لا تعرف متى سيحل ومتى سيرحل!

وفى جميع حالات انقطاع الكهرباء يطبق السادة المسؤولون خطة تخفيف الأحمال وترشيد الاستهلاك، لتكون تلك الخطة هى الخلطة السحرية دائمًا لمواجهة الضغط على شبكة الكهرباء، يحدث ذلك منذ إنشاء وزارة للكهرباء إلى تصريحات الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء، منذ أيام بخصوص أزمة انقطاع الكهرباء، وستمضى تلك الأزمة طالت أم قصرت كأخواتها من قبل، وسيظل ضيفنا ثقيل الظل مترقبًا منتظرًا الفرصة ليعود مرة أخرى، لتعود معه خطة تخفيف الأحمال من الأدراج.. وهكذا.

الغريب أن الدكتور محمد شاكر أبى أن تمر الأزمة فى هذا السياق، وقرر أن يعيد بتصريحاته ليلة من ليالى «حمَّال الأسية»، فقال : «قفلت التكييف فى بيتى للمساهمة فى خفض الضغط على الشبكة، وأن التيار بيقطع عندى من مرتين لـ 3 مرات يوميًا»!

لا أشكك فى صدق كلام معالى الوزير أو فعله، ولكن هذا التصريح « كوم»، وكل ما يمكن أن تعانيه بسبب انقطاع الكهرباء «كوم تانى خالص».. لماذا؟، لأن المواطن الذى يتصبب عرقًا وألمًا من انقطاع الكهرباء، والذى لا يعرف عن تلك الوزارة إلا «المحصل» الذى يقف على بابه كل أول شهر، لديه ما يكفى من الظنون التى تصل إلى حد اليقين، أن هذا لم ولن يحدث عند مسؤول بدرجة وزير، فما بالك بوزير الكهرباء والطاقة المتجددة ذاته؟!

يقول الكاتب الكبير مصطفى أمين: إن عيب مقعد الوزير فى بلادنا أنه مقعد مسحور، لا تكاد تجلس فوقه حتى تتصور أنك مخلد إلى الأبد، وفى كل يوم يرتفع بك المقعد إلى أعلى وينخفض الناس من أمامك، حتى يجيء يوم يعلو المقعد إلى علو شاهق، فلا ترى الناس الذين أصبحوا تحت، ولا تسمع إلا أصوات الذين يجلسون معك من فوق!

فى النهاية.. نحن فى حاجة إلى وزراء قادرين على التجديد، وابتكار حلول استباقية لمواجهة الأزمات، وزراء قادرين على التطوير والنهوض وصنع استراتيجيات قابلة للتطبيق بما هو متاح وممكن، لسنا فى حاجة إلى وزراء يكون همهم الأكبر كيفية تقديم مبررات لكل أزمة، رافعين شعار «ما باليد حيلة، وكله هايعدي»، لسنا فى حاجة إلى وزراء يعتقدون أنهم أكبر من كرسى الوزارة، ويجب علينا أن نحمد الله على نعمة قبولهم لتلك المناصب، نحن فى حاجة عاجلة إلى تطبيق خطة تخفيف الأحمال على هؤلاء.. وكله تخفيف أحمال!

[email protected]