رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

استقبلت مصر قمة دول جوار السودان، حيث دعا الرئيس السيسى طرفى الأزمة لوقف نزيف دماء أبناء الشعب الواحد، وإطلاق حوار وطنى جامع يهدف إلى الوصول لحل سياسى شامل. عقب القمة كان الحضور المصرى مميزًا على المستوى الرئاسى فى القمة التنسيقية للاتحاد الأفريقى والتجمعات الاقتصادية الإقليمية فى العاصمة الكينية نيروبى، ومن قبل ذلك زيارة رئاسية لكل من أنجولا وموزمبيق كأول رئيس مصرى يتوجه بزيارة رسمية للدولتين. كل ما سبق يأتى فى إطار حراك مميز، وفاعلية كبيرة للسياسة الخارجية المصرية على مستوى الدائرة الإفريقية.

مصر عادت وبقوة لمحيطها الإفريقى كإحدى الدول المركزية الكبرى فى الإقليم، ومنذ 2014 أصبحت الدائرة الأفريقية على رأس أولويات السياسة الخارجية المصرية، لتبدأ رحلة شاقة لترميم الأضرار التى لحقت بالعلاقات المصرية الأفريقية على مدار عقود، وهى رحلة بدأت انطلاقتها من نقطة صعبة وتحدٍ كبير تمثل فى تجميد عضوية مصر بالاتحاد الأفريقى عقب ثورة الــ 30 يونيو، ومصر كانت إحدى الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية، التى تحولت فى 26 مايو 2001 إلى الاتحاد الأفريقى.

ثانى التحديات والصعوبات التى واجهت عودة مصر الأفريقية؛ الأوضاع الداخلية ما بعد يناير وعدم استقرارها، وتصاعد تيار الرفض للوجود المصرى إفريقيا، هذا التيار الإقصائى، القائم على استبعاد كل الشمال الأفريقى من الهوية الإفريقية الجامعة، وهو ما دفع بعض الدول فى تقديم نفسها كبديل للدور المصرى على مستوى القارة، لكن هيهات، هى مصر الكبيرة، مصر التى قال عنها الزعيم الأفريقى نيلسون مانديلا إن مصر هى «بوابة العالم» و«بوابة التاريخ». وبالمناسبة الزيارة الأولى لمانديلا بعد تحرره من سجنه ونهاية نظام الفصل العنصرى كانت لمصر.

التحدى الثالث الذى واجه مسار العلاقات المصرية الأفريقية، وهو تحدٍ مستمر حتى تاريخه، يتمثل فى تسارع وتيرة التنافس الدولى والإقليمى على النفوذ الاقتصادى والعسكرى، وصراع القواعد العسكرية، والموانئ البحرية التجارية سواء من دول الاستعمار التقليدى القديم، أو من أقطاب التنافس الدولى الجديد. 

لذلك استند النهج المصرى على المستوى الأفريقى ما بعد 2014، إلى العمل على طمأنة الدول الأفريقية، وأن مصر الجمهورية الجديدة، هى مصر الشراكة والتعاون من خلال العمل وفق اقتراب المكاسب المتبادلة للجميع ـــــ  win-win situation، وليس أدل على ذلك من المشاركة المصرية فى إنشاء سد جوليوس نيريرى فى تنزانيا بمشاركة ما يقرب من 4 آلاف إلى 5 آلاف عامل ما بين مصرى وتنزانى وجنسيات أفريقية أخرى، تحت إدارة وإشراف التحالف المصرى المنفذ لمشروع سد ومحطة «جوليوس نيريرى» الكهرومائية. 

ومن هو «جوليوس نيريرى»؛ هو الزعيم الأفريقى صاحب مبدأ «نيريرى»، ذلك المبدأ الشهير الذى يقضى بأن دول منابع النيل لم تعد تعترف بالاتفاقيات القديمة الخاصة بمياه النيل وستلغيها من جانبها، فى ظرف عامين. ففى عام 1964، أرسل جوليوس نيريرى، رئيس تنزانيا فى ذلك الوقت، رسالة إلى نظيره المصرى جمال عبد الناصر، أخبره فيها أن بلاده لم تعد تعترف بالاتفاقيات الموقعة خلال فترة الاستعمار، وتدعو إلى عقد اتفاق جديد بين مصر ودول المنابع، أو تنزانيا على وجه التحديد فيما يتعلق بحصص المياه وقواعد تقسيم حصص مياه النيل، لتضرب مصر بهذا السد مثالاً عملياً لما يمكن أن يكون عليه التفاعل والتعاون المصرى الأفريقى، حتى لو حمل السد اسم أحد الزعماء الذى طالما رفض الاتفاقيات السابقة لتوزيع مياه النيل بدعوى أنها دول المنابع عند توقيع تلك الاتفاقيات كانت خاضعة للاستعمار؛ واتجهت دول منابع النيل إلى اتخاذ موقف شبه جماعى من رفض جميع الاتفاقيات السابقة المنظمة للبعد المائى فى العلاقات بين دول النهر، استنادًا إلى هذا التوجه، وهذا المبدأ ما أطلق عليه «مبدأ نيريرى». 

هى مصر الكبيرة، بالحضارة وبالتاريخ، وبالجغرافيا السياسية، وبقيادتها الوطنية، وكما قال «ماديبا» هى «بوابة العالم» و«بوابة التاريخ».