رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حقق الحوار الوطنى مقاربات مهمة على صعيد الترسيخ الديمقراطى وإعادة إحياء الفكر الوطنى المصري؛ على مستوى الديمقراطية ساهم الحوار الوطنى فى فاعلية العملية الديمقراطية وترسيخ مبادئ «الديمقراطية التشاركية»، التى فى معناها العام هى جملة من الإجراءات والآليات التى تتيح مشاركة المواطنين والمجتمع المدنى فى عملية صنع السياسات العامة. فى إطار نظام يأخذ بعين الاعتبار دور المواطنين فى المشاركة فى عملية صياغة وصنع القرار السياسى وتدبير الشأن العام فى مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. 

لذلك فالحوار الوطنى يحقق الأبعاد الأربعة للديمقراطية التشاركية، والتمكين الديمقراطي؛ فهو أولاً حقق الوصول للمعلومات ويقصد بذلك تدفق المعلومات من الحكومة للمواطنين والعكس، والثانى هو الشمول والمشاركة والذى يشير إلى شمول الأفراد والجماعات ومختلف فئات المجتمع المصرى التى تم تضمينها فى عملية المشاركة، وثالث هذه الأبعاد يتصل بالمساءلة وقدرة المواطنين على محاسبة المسؤولين الحكوميين، فيما رابع هذه الأبعاد يتمثل فى مدى قدرة الأفراد على التفاعل فيما بينهم لمعالجة المشكلات والتحديات التى تواجه المجتمع. وهو بذلك لا يلغى الديمقراطية التمثيلية ممثلة فى البرلمانات المنتخبة، لكنه مثل أداة للتكامل مع الديمقراطية التمثيلية لمجابهة التحديات ومعالجة أوجه القصور. وهو الأمر الذى أكد عليه مجلس أمناء الحوار الوطنى مراراً وتكراراً من أن الحوار الوطنى ليس بديلاً لأى مؤسسة دستورية سواء كانت الحكومة أو البرلمان. 

وعلى جانب آخر؛ حقق هذا النطاق الواسع من التشاركية لمختلف أطياف المجتمع وفئاته ما يمكن تسميته بإحياء الفكر الوطنى المصري؛ وهى أحد أشكال الديمقراطية التى أكد عليها الدكتور على الدين هلال أستاذ العلوم السياسية، ومقرر لجنة المحور السياسى بالحوار الوطنى، فى دراسته المعتبرة حول الديمقراطية، الصادرة عن سلسلة عالم المعرفة، والتى جاءت تحت عنوان «الانتقال إلى الديمقراطية.. ماذا يستفيد العرب من تجارب الآخرين؟». حيث أشار الدكتور على الدين هلال إلى مفهوم «الديمقراطية التشاورية» كأحد أنماط النظم الديمقراطية؛ القائمة فى جوهرها على «إحياء مفهوم المناقشة والتفكير بين أعداد كبيرة من المواطنين حول القضايا العامة بهدف التعرف على آرائهم فيها، وعرض ما توصل إليه من اجتهادات على المشرعين وأصحاب القرار». ووفقاً لأنصار هذا النمط من الديمقراطية فإن الأساس هنا هو «المشاركة المباشرة» لأكبر عدد من المواطنين فى القضايا السياسية فى اقتراب مع مفهوم «الديمقراطية التشاركية».، هذه الديمقراطية التشاورية تنطلق أيضاً من أهمية تنظيم مناقشات عقلانية تستند إلى خمسة عناصر رئيسية هي: المعرفة، التشاور، المشاركة، والتعاون، والتمكين للجمهور العام. 

والمعرفة هنا تحتاج إلى فكر، والفكر يستند إلى البحث والتدقيق. هكذا فعل الحوار الوطني؛ الذى أجاب عن سؤال فيم نبحث؟ من أين نبدأ؟ وكيف؟، وهو سؤال قديم حديث للدكتور أنور عبد الملك فى كتابه «الشارع المصرى والفكر». فالحوار الوطنى أعاد إحياء فضيلتى البحث والتفكر حول مختلف القضايا التى تناولتها محاور الحوار ولجانه. كل مشارك ومتحدث فى الحوار حتى فى مجال تخصصه كانت المشاركة فى الحوار ولو لمدة أربع دقائق هى بمثابة امتحان أمام الرأى العام، فكانت العودة للبحث والتدقيق من أجل الإسهام الفاعل بالرأى والمقترح، وهى فضيلة غابت كثيراً وكادت أن تتوارى تحت سطوة الآراء المعلبة وغير المدققة على صفحات ومواقع التواصل الاجتماعى.

إذا كانت المشاركة هى جوهر الديمقراطية، كما يرى منظروها فها هى قد تحققت وعلى نطاق واسع، يبقى عدم وإصدار أحكام مسبقة بعدم جدية الحوار أو شكليته خاصة وأن آلية الحوار الوطنى كان لها اسهامات جادة بدء من التوسع فى ملف العفو عن السجناء، وانتهاء بمقترح مد الإشراف القضائى وهى جميعها قضايا جادة ومهمة، وهو ما يستدعى استمرار التوافق على أهمية الحوار الوطنى، واستغلاله الاستغلال الجاد والأمثل لتحقيق أهداف الحوار الوطنى وعلى رأسها ما أقره الحوار من السعى نحو ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن المصرى والنقاش الجاد المثمر حول آليات تحقيقها فى جميع المجالات.