يقول لك لم أكن أتوقع!
عندما يواجهك شخص ما.. لديه العديد من المشاكل.. تقول له لماذا حدث لك ذلك؟ وليه تركت نفسك لهذه الدرجة من الإهمال؟.. تجده يقول لك.. «لم أكن أتوقع».. السيد «تتح تتوح».. تقول له.. لماذا لم تنه الشغل يا عم تتح.. أنت أخذت الفلوس وكان ضرورى تخلص الشغل من ستة شهور.. قبل ما كل شىء ارتفع وأصبح الضعف، ولذلك فأنت تخسر.. تجده يرد عليك وببرود «لم أكن أتوقع» إن الأمور هتكون كدا.. الخامات كلها ارتفعت وأنا مش عارف اعمل إيه.. وتحاول أن تفهمه انه هو مخطئ لأنه يوم اتفق على الشغل اتفق وفق أسعار اللحظة التى اتفق فيها، بمعنى انه يمكن أن يأخذ الفلوس وينزل يجيب كل الخامات فى تلك اللحظة.. لكن يأخذ الفلوس وينتظر ستة شهور ويصرف الفلوس طبعاً.. بعد كده يقولك مش عارف اعمل إيه.. فماذا يعنى ذلك؟ يعنى غياب ابسط أنواع التفكير السليم.. أى ما نقول عنه الأسلوب العلمى.. لأنه يفكر بطريقة «ربنا يسهلها»، ربنا يفرجها.. أو يقول لك..ربك يدبرها.. مفيش حاجة بيد الإنسان، كله من تساهيله.. وهكذا وهكذا فيكتشف كم المشكلات التى تتراكم عليه من كل ناحية.. السبب ببساطة انه لم يفكر بطريقة منظمة ولو بسيطة على قدر محدودية عقله. يمكن أن نقول إنها العشوائية التى تسود حياته.. هذه العشوائية لا يمكن علاجها إلا بالتفكير المنظم أو أن يعمل العقل ويتدبر الأمور المحيطة به.. خذه العشوائية لا نجدها عند عم «تتح» بل نجدها بشكل عام فى الحياة.. فمثلاً.. عندما تحدث هزة أرضية ولتكن قوية مثل ما حدث فى تركيا أو سوريا وتسقط الآلاف من المبانى وتكون النتيجة تشريد الآلاف وموت الآلاف وتسأل أو تحاول أن تجد إجابة.. لماذا سمح بكل تلك البنايات الغير مؤسسة بشكل جيد يقول لك لن نكن نتوقع أن يحدث هزة بهذه القوة... ونكتشف كم الفساد المنتشر فى كل الأرجاء وتكون النتيجة تقديم كبش فداء، وما تلبث الحالة تمر.. وتعود ريما لعادتها القديمة.. لا تفكير منظم أو محدد.. وكلما حدثت كارثة تسمع عبارة عم تتح.. لم أكن أتوقع.. ما نريد أن نقوله هو أن غياب التفكير العلمى هو سبب المشكلات لأننا فى التفكير العلمى نقوم بعمل كل الاحتمالات.. سواء القريبة أو البعيدة.. ثم وضع العمر الافتراضى.. القدرة على التنبؤ هى أهم خصيصة للعلم وعندما نتجاهل كل ذلك تكون الكوارث.
إننا نعانى فى حياتنا من مشكلة عدم القناعة بالتفكير المنظم أو المرتب أو القائم على تفكير عقلى قادر على حل ومواجهة المشكلات.. هذه العشوائية هى السبب فى الكثير مما نعانى منه.. خذ مثلا فكرة الإنجاب لا أحد يفكر بطريقة متزنة وعاقلة.