رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ذكرى ميلاده.. مصطفى إسماعيل القارئ الرسمي للقصر الملكي

الشيخ مصطفى إسماعيل
الشيخ مصطفى إسماعيل

 تحل، اليوم السبت، ذكرى ميلاد قارئ أجمع عليه المتخصصون في علم الأصوات، والدارسون لفن المقامات والموسيقى، على أنه يتميز بصوت فخم عظيم، وقالوا عنه أقوى صوت على الإطلاق، إنة الشيخ مصطفى محمد المرسي إسماعيل، الشهير بالشيخ مصطفى إسماعيل، ويعتبر الراحل من أبرز شيوخ التلاوة في مصر والعالم الإسلامي.

 

 أتقن المقامات وقراءة القرآن بأكثر من 19 مقامًا بفروعها، وبصوت عذب وأداء قوي، حتى عُرِف عنه أنه صاحب نَفَس طويل في القراءة التجويدية.

 

 سجَّل بصوته تلاوة القرآن الكريم كاملًا مرتلًا، وترك وراءه 1300 تلاوة لا تزال تبث عبر إذاعات القرآن الكريم، وركّب في تلاوته النغمات والمقامات بشكل استحوذ على إعجاب المستمعين، وكان ينتقل بسلاسة من نغمة إلى أخرى، ويعرف قدراته الصوتية بشكل جيد، وكيف يستخدمها فی الوقت المناسب.

 

 

 استطاع مصطفى إسماعيل أن يمزج بين علم القراءات وأحكام التلاوة وعلم التفسير وعلم المقامات، وكان يستحضر حجة القرآن في صوته، ويبثها في أفئدة المستمعين لاستشعار جلال المعنى القرآنى.

 

 وكان أول قارئ يسجل في الإذاعة المصرية دون أن يمتحن فيها، واختاره الملك فاروق قارئًا للقصر الملكي، وكرمه الرئيس عبدالناصر، وأخذه معه الرئيس السادات في زيارته للقدس.

 

ألقاب الشيخ:

 أُطلقت كثير من الألقاب على الشيخ مصطفى إسماعيل، ولعل أبرزها أنه "مغرد السماء"، و"قارئ الملوك والرؤساء"، و"عبقرى التلاوة"، و"ملك المقامات القرآنية"، و"صاحب الحنجرة الذهبية".

 

حياته ونشأته:

 ولد الشيخ مصطفى إسماعيل في قرية "ميت غزال"، مركز السنطة، محافظة الغربية، في 17 يونيو 1905 ميلادية (الموافق شهر ربيع الثاني 1323هـ).

 

حفظه للقرآن:

 حفظ القرآن الكريم ولما يتجاوز الثانية عشرة من العمر في كُتّاب القرية، ثم التحق بالمعهد الأحمدي في طنطا ليتم دراسة القرءات وأحكام التلاوة. أتم الشيخ تلاوة وتجويد القرآن الكريم وراجعه ثلاثين مرة على يد الشيخ إدريس فاخ.

 

في إحدى ليالى شهر رمضان سنة 1917، كان الشيخ إدريس يسهر في منزل الشيخ مصطفى هو وابنه، فقال الشيخ إدريس لابنه اقرأ ربعًا وبعد أن فرغ ابنه من القراءة، قال اقرأ يا مصطفى سورة (ص)، فرد عليه مصطفى إسماعيل "دي طويلة يا سيدنا"، لكنه قرأها وعندما شمل أهل البيت السرور، وهنأ الشيخ إدريس تلميذه الموهوب، وقرر جد إسماعيل مكافأة الشيخ إدريس.

 

أتم مصطفى إسماعيل تجويد القرآن وتلاوته بالقراءات العشر على يد الشيخ إدريس فاخر، وعمره لم يتجاوز 16 عامًا.

 

بداية الشهرة:

 ذهب الشيخ مصطفى إسماعيل للإقامة بطنطا، ومن هناك سجلت الانطلاقة الحقيقية لموهبته، عندما وصل جثمان السيد حسين بك القصبى من إسطنبول إلى طنطا، وخرجت طنطا كلها تستقبل الجثمان في محطة القطار بالمدينة، يقول الشيخ مصطفى إسماعيل: "خرجت مثل باقى الناس نستقبل الجثمان، ويوم العزاء دعاني أحد أقارب السيد القصبى للقراءة بالعزاء، وكان عمرى 16 عامًا ولبست العمة والجبة والقفطان والكاكولة، وأراد الله أن يسمعني جميع الناس من المديريات، وجميع أعيان مصر، وذهبت إلى السرادق الضخم المقام لاستقبال الأمير محمد علي الواصي على عرش الملك فاروق، وسعد باشا زغلول، وعمر باشا طوسون، وأعيان مصر، وأعضاء الأسرة المالكة في ذلك الوقت، وحضر العزاء أيضًا أعيان الإسكندرية وبورسعيد وجميع أعيان القطر المصرى، ولم يكن هناك مكبرات صوت، فقررت أن أُسمِع السرادق كله صوتى، وعندما انتهى أول القراء وكان اسمه الشيخ سالم هزاع، رحمة الله عليه، ونزل من على الدكة قفزت على الدكة وجلست وفجأة نادى قارئ قائلًا انزل يا ولد هو شغل عيال، حتى حضر أحد أقارب السيد القصبى، وقال للشيخ حسن هذا قارئ مدعو للقراءة مثلك، وقرأت وأبهرت الحضور بتلاوتى، وكذلك انبهر الشيخ حسن صبح".

 

قارئ الملوك والرؤساء:

 استمع إليه الشيخ محمد رفعت، وكان هو نفسه من المعجبين والمتأثرين بصوت الشيخ محمد رفعت، والشيخ عبدالفتاح الشعشاعي وغيرهما.

 

 ذاعت شهرته في أنحاء محافظة الغربية والمحافظات المجاورة لها، ونصحه أحد المقربين منه بالذهاب إلى القاهرة، وبالفعل ذهب إلى هناك، والتقى بأحد المشايخ الذي استمع إليه واستحسن قراءته وعذوبة صوته، ثم قدمه في اليوم التالي ليقرأ في احتفال تغيب عنه الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي لظرف طارئ، وأعجب به الحاضرون.

 

وسمعه الملك فاروق وأعجب بصوته، وأمر بتعيينه قارئًا للقصر الملكي على الرغم من أنه لم يكن قد أُعتُمدَ بالإذاعة.

 

البلاد التي زارها:

 زارالشيخ مصطفى إسماعيل خمسًا وعشرين دولة عربية وإسلامية، وقضى ليالي شهر رمضان المعظّم وهو يتلو القرآن الكريم بها، كما سافر إلى جزيرة سيلان، وتركيا وماليزيا، وتنزانيا، وزار أيضًا ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

 

المسجد الأقصى:

 زار الشيخ مصطفى إسماعيل مدينة القدس عام 1960، وقرأ القرآن الكريم في المسجد الأقصى في إحدى ليالي الإسراء والمعراج. كان الرئيس محمد أنور السادات من المحبين لسماع صوت الشيخ مصطفى إسماعيل، حتى أنه كان يقلد طريقته في التلاوة عندما كان السادات مسجونًا. كذلك اختاره ضمن الوفد الرسمي لدى زيارته للقدس سنة 1977، وهناك قام ثانية بقراءة القرآن الكريم في المسجد الأقصى.

 

الجوائز التي حصل عليها:

 حصل الشيخ مصطفى إسماعيل على وسام الاستحقاق من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وعلى وسام الأرز من لبنان عام 1958، ووسام الفنون عام 1965، ووسام الامتياز عام 1985 من الرئيس مبارك، ووسام الاستحقاق من سوريا، كما حصل على أعلى وسام من ماليزيا، ووسام الفنون من تنزانيا.

 

وقد تلقى الشيخ إسماعيل الدعوات والطلبات من دول عربية وإسلامية للقراءة فيها، فلبى تلك الدعوات، وسافر إلى العديد من تلك الدول، وقرأ فيها.

 

وفاته:

 في الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة 22 ديسمبر سنة 1978 م غادر الشيخ مصطفى إسماعيل عزبته في قرية "ميت غزال "مودعًا ابنته ومتجهًا إلى دمياط للقراءة في افتتاح جامع البحر، في حضور الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

 

 في ذلك اليوم وقبل أن يصل إلى دمياط كان يداعب سائقه كعادته وكان يقرأ بعض آيات القرآن في السيارة، يقول السائق إن الشيخ يومها كان حائرًا لأنه كان ينسى بعض الآيات القرآنية التى كان يرددها فيلتفت إلى السائق قائلًا: والنبى قل لى يا محرم إيه الآية اللى بعد الآية دى؟

 

 في دمياط قرأ الشيخ تلاوته الأخيرة وبعدها طلب من السائق الرجوع إلى قريته بجوار طنطا وعند مفترق الطريق بين طنطا والمحلة الكبرى طلب منه التوجه إلى الإسكندرية، وكان مرحًا جدًا مع محرم "السائق"، وعند دمنهور طلب من السائق التوقف لشراء بعض سندوتشات فول وأكلها مع سائقه، وكانت آخر ما أكل الشيخ في حياته.

 

 توجهت السيارة إلى فيلته بحى رشدى في الإسكندرية وطلب من سائقه أن يضع المشمع فوق السيارة فتعجب السائق لهذا الطلب لأن الشيخ مصطفى كان يمنعه دائمًا من وضع هذا المشمع فوق السيارة خشية أن يتلف لونها ويلزق فيها، ولما أبدى السائق دهشته قال له بالحرف الواحد "أنا مش طالع تانى يا سيدى".

 

دخل الشيخ منزله وطلب من خادمته وزوجها أن يجلسا معه في الصالون، وظن زوج الخادمة أن الشيخ يريد طردهما من المنزل، لأنها كانت أول مرة يدخل فيها زوج الخادمة المنزل، وأبدى الشيخ حبه للاثنين، وطلب منهما الحفاظ على المنزل وأن يشربا الشاى معه.

 

قالت فراشة المنزل: "وفجأة أعرب الشيخ عن سعادته، وكان يقول أنا جالس الآن على كرسى العرش والعالم كله يصفق لى"، وبدت الدهشة على وجه الخادمة والشيخ يهم بالوقوف متجهًا إلى الدور الأول، حيث توجد غرفة نومه وسألته إن كان يريد النوم الآن، وقال لها "أنا ماشى في دفنة فاطمة (اسم زوجة فضيلة الشيخ) لأنها ماتت"، وتعجبت الخادمة (وكانت زوجته مازالت على قيد الحياة)، وعندما وصل إلى حجرة نومه جلس على السرير ينادى ابنته التى كانت معه في طنطا، وقالت له الخادمة أنا اسمى "سرارى"، فقال لها "تعالى يا بنتى شوفى إيه اللى في دماغى" وأخذ يدها بيده وحاول أن يصل بها إلى رأسه – ووقعت اليدان إلى أسفل.

 

 ظنت الخادمة أنه مرهق من السفر ويريد النوم، وكان تنفسه طبيعيًا ولم تعلم الخادمة بأنه أصيب بانفجار في المخ، وأن الشلل قد تسلل إلى جسده، فتركته نائمًا في غيبوبة إلى اليوم التالى حتى الساعة الثانية والنصف ظهرًا، وكانت تدخل عليه بين الحين والآخر وتلاحظ أنه يتنفس عادي فتتركه نائمًا.

 

 اتصل أحد أصدقاء الشيخ تليفونيًا بالمنزل وسمع بالواقعة، وأحضر معه الأطباء، تم نقل الشيخ إلى المستشفى بالإسكندرية، وهو في غيبوبة تامة، ظل بها أيام عدة إلى أن توفى في صباح يوم الثلاثاء 26 ديسمبر 1978، وأقيمت له جنازة رسمية يوم الخميس 28 ديسمبر 1978، ودفن في مسجده الملحق بداره في قرية ميت غزال بالسنطة بمحافظة الغربية.