عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

حقاً إذا أردت أن تعرف فيما يفكر المصريون ومما يعانون وما هى مشكلاتهم وكيف يرون أداء حكومتهم فعليك فقط أن تشاركهم الركوب فى المواصلات العامة وتسمع ما يقولون وفى ماذا يتناقشون أو اركب تاكسياً وافتح حواراً مع سائقه! وقد اضطرتنى ظروف تعطل سيارتى إلى ذلك طوال الأسبوع الماضى، فكانت فرصة ممتازة لأن أرى وأسمع ما لا يسمعه السادة المشاركون فى الحوار الوطنى؛ لقد بادرنى أحدهم، حينما استقريت داخل سيارته قاصداً مبنى الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو قائلا: هو حضرتك رايح تشارك فى الحوار الوطنى؟ قلت له لا. الحوار الوطنى لا تعقد جلساته فى التليفزيون وأن نقلها! أنا «رايح» أسجل حلقة فى برنامج عادى! وسألته عن رأيه، فإذا به ينطلق متحدثاً عن جدوى هذا الحوار وضرورته فى الوقت الذى يعانى فيه الشعب من موجة الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار وعدم قدرة الناس على تدبير الحد الأدنى من احتياجاتهم واحتياجات أولادهم فضلاً عن مصروفات مدارسهم ودروسهم.. وأردف قائلاً: ماذا لو وفروا هذه الأموال التى ينفقونها على هذه الاجتماعات والحوارات ودعموا بها السلع والخدمات التى نحتاج إليها فعلاً..

وحينما ركبت مع سائق شاب أنيق تصورت أنه لا يزال يدرس فى الجامعة لكن تبين أنه تخرج من سنوات واجتهد حتى أصبح رئيساً لمجموعة عمل من خمسين آخرين فى توكيل شركة شهيرة للتليفون المحمول وفجأة وجد رئيسه الصينى يخبره بأن الشركة ستوقف عملها فى القاهرة وتنتقل به لمكان آخر، وأنها استغنت بالتالى عن خمسة آلاف آخرين من العاملين، ولما سأله عن سبب ذلك، قال: إن الشركة تواجه صعوبات جمة من تذبذب السياسات النقدية للحكومه المصرية فضلاً عن المضايقات من بعض أصحاب النفوذ المحليين الذين يطمعون فى أخذ مكان هذه الشركة العملاقة فى السوق المصرى، وكم كان ضيق الفتى وهو يحكى عن أسباب خروج هذه الشركة العملاقة، وسحب استثماراتها من السوق المصرى فى الوقت التى كانت تخطط فيه لزيادتها قبل التعويم الأخير للجنيه المصرى والتذبذب غير المسبوق فى سعر صرف الدولار! وكم كانت كلماته مؤثرة، حينما قال: ألا تحس بنا حكومتنا الرشيدة بعد أن فقدنا وظيفتنا.. لقد تحولت من موظف كبير فى شركة استثمارية عالمية بما أملكه من خبرات تكنولوجية ممتازة إلى مجرد سائق تاكسى باليوميه لأعول أسرتى الصغيرة! ومثلى كثيرون يفقدون وظائفهم كل يوم بنفس الطريقة!!

ولعل أكثر ما سمعته تأثيراً كان حديث ذلك السائق المسن الذى ربما تعدى السبعين من عمره، حيث بدأ مرحباً، ثم تحسر على عمره الذى ضاع على تربية أولاده، والمستوى الذى وصلوا إليه، ثم هو الآن يضطر للعمل فى هذه المهنة الصعبة لمن هم فى مثل عمره لكى يستطيع الإنفاق على نفسه وتدبير مصاريف علاجه، ولما حاولت التخفيف عنه قلت له: لعل الحكومة من خلال الحوار الوطنى تنفذ التأمين الشامل الذى يرفع العبء عن كاهل المواطن، فإذا بالرجل يقول: يا أستاذ نحن لسنا بحاجة للحوار.. مشاكلنا معروفة وحلولها معروفة، فكل ما نحتاج له نظام يحقق العدالة الاجتماعية ويضمن الرعاية الصحية وهذا لا يتأتى إلا مع التطبيق الصارم للقانون والقضاء على المظاهر السلبية. 

ووجدتنى أتفق معه فيما قال: فعلًا هذه هى مطالب الشارع المصرى، فقد عانى المصريون كثيراً وآن لهم أن يأمنوا على حياتهم ومستقبلهم تحت مظلة نظام سياسى واجتماعى عادل يحل مشاكلهم ويحقق طموحاتهم، نتمنى رؤية ذلك على أرض الواقع قريباً إن شاء الله.

[email protected]