رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إن تأمل الواقع المعاصر يجعلنا نندهش ونتعجب ونسأل ولا نصل إلى إجابة قاطعة إزاء ما نراه وما نسمعه وما نقرأه.. معروف أن الحب من الانفعالات المهمة والإيجابية فى الحياة الإنسانية.. الحب عاطفة تتجه من الذات إلى الآخر أو الآخرين.. الأمر الملفت والمدهش هو أن تلك العاطفة، وذلك الانفعال يتحول بشكل أو بآخر ليهجر الإنسان أو الذات الإنسانية ليتجه بكامل قوته إلى حب وعشق الروبوت.. فالتكنولوجيا المعاصرة تمكنت من إنتاج روبورت فى شكل فتاة جميلة رشيقة بعيون ساحرة وبشرة جذابة وممشوقة القوام.. كل ذلك تمكنت التكنولوجيا من إيجاده.. وعليه فإن الرجل الذى فشل فى حياته العاطفية الإنسانية فإنه ينطلق لعالم الروبوت وينتقى ويطلب كل المواصفات وسوف توجد كل الصفات المرغوبة فى فتاة رائعة وساحرة.. لكن هى فى الحقيقة «روبورت»، هذا الانفصال.. انفصال الذات الإنسانية من عالم الإنسان إلى عالم الروبورت.. 

لقد قرأنا عن الرجل الأمريكى الذى وقع فى حب «فايدرا».. من هى هذه الفيدرا؟ إنها فتاة جميلة ورائعة ومطيعة.. لكن لا تنس أن تقوم بشحنها فى الميعاد.. فإذا لم تشحنها فلن تسمع منها أى ردود ولا تنادى عليك بصوتها الساحر ولا تنظر إليك بعيونها الزمردية.. (فايدرا) إنها الروبوت! لقد أخبر (أرياجا) صحيفة الواشنطن بوست، بأنه يرغب للسفر إلى كوبا.. ولكن ستكون معه.. إنها فيدرا.. فهو لا يستطيع أن يعيش بدونها وهو يرغب أن تكون معه دائمًا.. ما حدث أن العديد من الأمريكيين يهرعون إلى برامج الدردشة الآلية وهى مزودة بأحدث تقنية للذكاء الاصطناعى.. ولماذا اللجوء لهذا الأمر؟ السبب هو فقدان الشعور العاطفى، الشعور بالعزلة والوحدة.. الكثيرون لديهم الشعور بالهجران.. لقد فقد الإنسان المعاصر القدرة على التواصل والتفاعل والتواؤم مع الآخر.. لقد حدث درجة كبيرة من العزلة وأقيمت الجدار بين الإنسان والإنسان.. لذلك لجأ الإنسان المعاصر إلى البديل.. الذى يتمم له كل ما يريده، بلا متاعب أو خلافات أو إرهاقات مادية مستمرة. فقدان الإنسان للمشاعر المودة والحب والتعاطف والتفاعل مع الإنسان كارثة.. هو يلجأ للآلة كبديل..فى أحد أفلام عبدالمنعم مدبولى على ما أذكر نجده لا يجد حوله أحد يفضى إليه بما فى داخله.. لذلك وجدناه يتحدث إلى الحصان لأنه يرى أنه يفهمه ويشعر به أكثر من أى إنسان..هذا بالضبط ما يعيشه الإنسان المعاصر.. الوحدة رغم الزحام الشديد.. هو مع الجميع وليس مع أحد.

لقد تغلغلت الآلة للداخل الإنسانى.. ليس هذا فقط بل تحولت إلى اعتقاد وإيمان راسخ أنها الحل الأمثل والأفضل.. لم يعد الإنسان المعاصر يشعر بتلك المشاعر الوشيجة والقوية مع الآخر الإنسان.. ولكن يشعر بها مع الآلة «الروبوت».

ماذا يعنى ذلك؟ يعنى فقدان التواصل مع الآخرين.. وهذا الفقد يشعر الإنسان بالوحدانية والعزلة وعليه يدخل إلى عالم الاكتئاب والاغتراب وفقدان المعنى والمغزى. 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال - أكاديمية الفنون