رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

الحادث الإرهابى على معبد يهودى فى جزيرة جربة التونسية، عمل متوقع بعد أن بتنا نعرف أن الإرهاب جزء أصيل من تاريخ جماعة الإخوان، حين تُمنى بهزيمة تفقدها القدرة على السيطرة والهيمنة والنفوذ، ويصبح وجودها العلنى محل مساءلة ومراجعة. الحادث متوقع منذ أن بدأ الرئيس التونسى «قيس سعيد» سياساته الحازمة للتصدى للفوضى التى أشاعتها حركة النهضة الإخوانية فى البلاد، مع بدء عودتها للظهور فى الحياة السياسية، فى أعقاب سقوط نظام حكم «بن على» وحكمها فى الفترة من 2011 وحتى 2021، وهى الفترة التى تصاعدت فيها أجواء التطرف الدينى والعنف والإرهاب فى الحياة السياسية، وغدت تُعرف بالعشرية السوداء.

أسفر الحادث الذى، استهدف احتفالا سنويا يقام كجزء من السياحة الدينية، ويؤمه يهود من مختلف أنحاء العالم، عن قتل ستة أفراد، بينهم ثلاثة من رجال الشرطة التونسية، كان منهم منفذ الحادث، وهو شرطى فى الحرس الوطنى. الهدف واضح، هز الثقة فى الأوضاع الأمنية داخل تونس، وزعزعة قطاع السياحة التونسية بما لذلك من تداعيات على الدخل القومى، التى تعد السياحة أحد مصادره.

الإرهاب هو الحل. كان ذلك شعار جماعة الإخوان أثناء عام حكمها فى مصر،، للتصدى للخصوم والمناهضين لسياساتها ولفرض وجودها بالقوة،. ففى ظل الإرهاب تنتشر الفوضى، وفى ظلهما تستطيع أن تروع المجتمع وتخضع مواطنيه. فضلا عن أن الفوضى تهيئ لها الفرص لكى تفرض ديمقراطية صندوق الاقتراع، التى تفتح لها الأبواب من كافة الاتجاهات للقفز إلى السلطة، بالمال السياسى والتهديد والترويع واصطناع الأنصار والمؤدين من القوى المدنية المنهزمة أمام سطوة سيفها وذهبها. ولأن جماعة الإخوان بلا ذاكرة وفاقدة للعقل، فقد تمت هزيمة مشروعها الفوضوى فى مصر، وها هى تكرر نفس التجربة فى الساحة التونسية.

توقيت الحادث الإرهابى فى معبد «جربة» لايخفى على فطن. فهو يأتى متقاربًا مع حبس رئيس حركة النهضة الإخوانية «راشد الغنوشى» بتهم وجهتها إليه سلطات قضائية بالتحريض على العنف، ستقود حتما إلى فتح ملفات أخرى تتضمن اتهامات سابقة للحركة، تمكنت بنفوذها المالى والتنفيذى من إخفائها، وفرض الصمت عليها، برشوة قضاة وشراء صحفيين وإعلاميين وسياسيين ونقابيين. ولأن دوام الحال من المحال، ها هى السلطات القضائية التونسية، تفتتح على إخوان حركة النهضة أرشيف ممارستهم الخارجة عن القانون والدستور: تشكيل جهاز سرى مسلح، والحصول على تمويلات خارجية، وقتل معارضين لدورها المخرب فى الحياة السياسية، وتسفير مقاتلين بزعم الجهاد إلى سوريا وليبيا، وغيرها من مناطق التوتر فى المنطقة، بعد فتح معسكرات تدريب لهم فوق الأراضى التونسية، وتشكيل ميليشيات أمنية خاصة بها، كانت تجوب الشوارع لتصفية حسابات سياسية وشخصية مع المواطنين.

ولأن للكوارث أحيانا جوانبها الإيجابية، فقد كشف الحادث الإرهابى فى «جربة» الهادئة والمسالمة،عن الاختراقات التى أحدثها إخوان النهضة فى الأجهزة الأمنية، إذ سّرحوا منها عناصرها الكفؤة والمهنية، وأغرقوها بالموالين من فاقدى الأهلية والمهنية والشعور الوطنى، لبسط سياسات التمكين والإقصاء والمغالبة، خلال فترة احتكارهم للقرار السياسى، ومقامراتهم بمستقبل الشعب التونسى، وقيادته إلى مصائر مجهولة.

وجماعة الإخوان تفعل ذلك فى تونس وفى خارجها، لا تفرق بين ما تظن أنه يعارض سياسات «قيس سعيد» وبين الإضرار بمصالح الشعب التونسى المباشرة. فهى تستطيع بالدعم الغربى الكبير الذى تحظى به، وبالتخريب ونشر الشائعات، وبتسريح إعلاميين على الفضائيات الدولية لجلب التعاطف معها، بوصفها ضحية لما يسمونه قمع الحريات، أن تديم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى تونس، للضغط من أجل العودة إلى ما كانت عليه قبل العام 2014. لكن ليس كل ما تتمناه النهضة تدركه. فقد فتح الحادث الإرهابى الباب لمناقشات برلمانية وصحفية تطالب بحظر نشاطها، وإدراجها فى مصاف المنظمات الإرهابية، لعل من يدعمونها أن يتعظوا من فشل مسعاها.