رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

لعب القسم العربى من  إذاعة بى بى سى البريطانية دورا مهما فى حياة المهتمين بالشأن العام فى مصر، وفى غيرها من الدول العربية، منذ عهد الرئيس عبد الناصر وحتى وقف بثها نهاية يناير الماضى، وتحولها  إلى موقع إليكترونى. وتصاعد الاهتمام بمتابعة نشراتها بعد هزيمة يونيو المريرة عام 1967، وتفاوتت نسب المتابعين لها من وقت لآخر، لا سيما بعد إطلاق قناتها الفضائية الإخبارية الناطقة بالعربية عام 2008. إلا أن الإذاعة العربية ظلت تحتفظ مع ذلك بميزة خاصة لا تتيحها الفضائية، وهى القدرة على متابعتها طول الوقت وفى أى مكان: فى المنزل وخارجه، فى المكتب وعلى سرير النوم، فى الطريق العام وفى النادى..إلخ  

تأسست هيئة الإذاعة البريطانية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى فى عام 1922، كهيئة حكومية، تهدف للدفاع عن مصالح بريطانيا داخل مستعمراتها، واتخذت لنفسها خطا إعلاميا  يتسم بالتنوع والجاذبية والرشاقة والقدرة الفائقة على تحليل  الحدث السياسى من مختلف أوجهه، وتباين رؤى  القائمين بتحليله، وبضوابط مهنية تحتفظ ببعض الاستقلالية والموضوعية، لخدمة رسالتها الإعلامية والسياسية. 

منذ بداية بثها قبل خمسة عشر عاما، بدت فضائية بى بى سى واضحة الارتباك فى سياستها الإعلامية. فهى ظهرت بعد خمس سنوات من مشاركة بريطانيا مع الولايات المتحد الأمريكية  وحلفائها، فى الغزو المدمر للعراق، الذى لم يتم فقط خارج نطاق هيئة الأمم المتحدة، بل كذلك بتجاهل ميثاقها، وبُنى على أكاذيب مغلفة بأطماع استعمارية شرهة، لم تكن تخفى على أحد. 

وما أن تزلزلت المنطقة العربية بأعاصير الربيع العربى الكاذب، حتى بدا واضحًا سيطرة جماعة الإخوان على سياساتها الإعلامية وتوجهها السياسى، وغابت عنها معايير مهنية وأخلاقية تلزم الوسائل الإعلامية أيًا كان شكلها، بالموضوعية –ولا أقول الحياد- التى لا تلون الحقائق وتخرجها،لأهداف سياسية، من سياقها العام، وبالشفافية التى لا تستخدم المصالح العامة لخدمة أهداف شخصية. 

وقبل أيام أذاعت بى بى سى فليما وثائقيا عن المغرب ينتقد نظامها كملكية برلمانية، يحكمها الملك بشكل مطلق، وتقمع الحريات العامة وحريات الرأى والتعبير والصحافة، وتمتلئ سجونها  بالمعارضين.أما الغرض، فواضح لكل فطن. فالدفاع عن حزب العدالة والتنمية الإخوانى، والتغنى بوسطيته هو الهدف. وكان الحزب عبر عدة دورات برلمانية قد شكل الحكومة، ثم تراجعت شعبيته فشارك فى عضويتها وفى تأييد العلاقات المغربية مع إسرائيل، ثم خسر وتراجعت مكانته فى الانتخابات الأخيرة، ولم يعد يقبل أى من أعضائه فى التشكيلات الحكومية، فانتقل إلى معسكر المعارضة، وكان من المضحك أن عنوان معارضته الرئيسى رفض العلاقات مع إسرائيل، الذى كان قد وقع على بدئها وهوفى الحكم. فسبحان مغير الأحوال! 

وما أن أصدرت السلطان القضائية أمرًا بالقبض على رئيس حركة النهضة فى تونس وإيداعه فى السجن، حتى انبرت البى بى سى فى نشر تقارير حقوقية وسياسية، تتهم الرئيس التونسى قيس سعيد، بقمع المعارضين، وفرض قيود على حرية الصحافة والإعلام، وهى السياسة الغربية الجديدة للتدخل فى شئون الدول بزعم الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان!! 

قبل أيام قدم رئيس هيئة الإذاعة  البريطانية «ريتشارد شارب» استقالته من منصبه، بعد الكشف عن دوره  السرى، فى تسهيل حصول رئيس الوزراء البريطانى الأسبق «بوريس جونسون» على قرض يبلغ 800 ألف جنيه استرلينى، وهو يوازى مليون دولار. والمشكلة جاءت أنه قام بذلك قبل عدة أسابيع من تعيينه رئيسًا للهيئة، مما اعتبرته وسائل الإعلام البريطانية تضاربا فى المصالح، وفسادا يطول الرئيسين معا. وبعد تخلى الحكومة عن دعمها المالى  للهيئة قبل سنوات، وتقليص الدعم الموجه إليها من حصيلة الضرائب، وقبل هذا وذاك تراجع فى شعبتها، أصبح مستقبل بقائها فى مهب الريح. 

ولعل مصيرها الغامض أن يكون عبرة لكل وسيلة إعلامية تتخلى عن القواعد المهنية والأخلاقية التى صنعت مجدها، و صار أطلالا، حين أضحت بوقا!