رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

من أعجب الآيات فى القرآن الكريم، تلك الآية من سورة الأعراف التى تقول "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ" (آية 172)؛ إذ إنها تشير ببساطة إلى أن الله قد أخذ علينا عهداً بالإيمان منذ خلق آدم عليه السلام، وهى مع ذلك محمّلة بمعان شتى كما تثير تساؤلات عديدة. فقد فسرها المفسرون تفسيرات كثيرة أغلبها تدور حول قول ابن عباس فى تفسيرها: إن الله خلق آدم ثم أخرج ذريته من ظهره فكلمهم وأنطقهم. فقال: ألست بربكم؟ قالوا بلى. ثم أعادهم فى صلبه، فليس أحد من الخلق إلا قد تكلم فقال ربى الله، وأن القيامة لن تقوم حتى يولد من كان يومئذ أشهد على نفسه. ولعل ذلك ما أكدته الآية الكريمة ﴿وله أسلم من فى السموات والأرض طوعاً وكرهاً﴾ (آل عمران - 83). فلقد أقرت الأرواح إذن قبل أن تخلق فى أجساد أصحابها بالربوبية لله. والسؤال الآن: إذا كان ذلك كذلك، فكيف تختلف عقائد الناس بعد ذلك؟ ولماذا انقسموا بين كافر بالله ومؤمن به؟ والإجابة الواضحة على ذاك السؤال تكمن فى أن البشر ولدوا بفطرتهم السليمة مؤمنين بالله وبأن لهم خالقاً خلقهم، وهذا لا ينفى أنه وهبهم مع هذه الفطرة إرادة وعقلاً بهما تثبت تلك الفطرة ويسيروا عليها مختارين أو يخرجون عليها أيضاً باختيارهم، وهذا ما تشير إليه الآيات ﴿وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر﴾ (الكهف - 29)، ﴿ولو شاء ربك لجمعهم على الهدى﴾ (الأنعام - 35) ﴿ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا﴾ (يونس - 99).

وعلى ذلك فقد أعطى الله للبشر حرية العقيدة رغم أنه خلقهم بعد أن أخذ عليهم عهداً بالإيمان وحذرهم أن يغفلوا عن ذلك فيأتوا يوم القيامة وقد تجاهلوا هذا العهد ! ولنلاحظ أنه لم يعط أحداً ولاية على أحد فى ذلك حتى الرسل حيث قال فى استكمال الآية السابقة ﴿أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين﴾!
وفيما سبق دلالات شتى، فاذا كان الله الذى خلقنا ويسر لنا كل أمور حياتنا على هذه الأرض قد أعطانا كل هذه الحرية حتى حرية أن نؤمن به أو نخرج على ذلك ولا نطيع أوامره أو نواهيه رغم كثرة ما أنزله إلينا من شرائع ورسل وكل إليهم هداياتنا إلى الحق، فما بالنا نحن بما نملكه من عقول مفكرة تتأمل ذواتها وما حولها من مخلوقات ونعم شتى وثروات تكفينا وتكفى من يأتون بعدنا كما كفت من سبقونا، ما بالنا ونحن نملك بصائر نافذة وقلوبا عامرة، ما بالنا لا نقر بذات هذه العقول وتلك القلوب بأنه الحق وبأنه الخالق البارئ المصور لكل ما فى هذا الوجود!!
ما بالنا، والله ربنا على هذا الحال من الوحدانية والقدرة لم ينكل بنا وساوى بيننا، من آمن ومن كفر فلم يحرم أحدا من التمتع بنعمه ظاهرة وباطنة، ما بالنا يظلم بعضنا بعضاً ويحارب بعضنا بعضاً، ما بالنا نمايز بين البشر ونقسم العالم إلى عوالم ويحتقر بعضنا بعضاً ويعتدى بعضنا على البعض بلا رحمة وبلا خوف من عقاب، ما بالنا نشكك فى وجوده وننكر عليه سبحانه وتعالى الربوبية والوحدانية رغم إدراكنا أنه لا مخلوق بلا خالق ولا مصنوع بلا صانع ولا كون بلا مكون. هل إلى هذا الحد خان البشر العهد مع الله؟!!