رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

يفتح الاتفاق السعودى -الإيرانى بعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، باب الأمل فى إمكانية حدوث انفراجة فعلية فى معظم أزمات المنطقة. وبرغم من بروز أصوات من هنا وهناك، تشكك فى جدية إيران وقدرتها على الالتزام بتنفيذ شروط المصالحة مع السعودية برعاية صينية، وأخرى تحذر من الإفراط فى التفاؤل من انعكاساته، وثالثة تقلل من جهد الوسيط الصينى، وتبرره بمجرد مصالح اقتصادية صينية بحتة، إلا أن مؤشرات مغايرة لدعوات التشكيك والتحذير والتقليل، بدأت تلوح فى الأفق.

تفتح زيارة الرئيس السيسى إلى الرياض الباب أمام إنجاح الجهد المشترك للرياض والقاهرة، لتذليل العقبات التى تعترض إعادة سوريا إلى مقعدها فى الجامعة العربية، بعد تجميده اثنتى عشرة سنة، فى لحظة تعيسة ومظلمة من لحظات التدهور العربى، انتهت بقطع العلاقات الدبلوماسية العربية مع دمشق، ولم تنجح فى إسقاط اننظام الذى كان هدفا متوهما لتلك الاجراءات العقابية. لم تنجح إلا فى فتح أبواب سوريا لتغدو مرتعا لتقاتل ميليشيات إرهابية، ذات ارتباطات خارجية متعارضة الأهداف، تعرقل كل خطوة لتسوية سياسية للأزمة السورية، حفاظا على مصالحها المالية، التى تعد الهدف الوحيد المشترك بينها جميعا!
 وفى هذا السياق استقبلت القاهرة للمرة الأول منذئذ، وزير الخارجية السورى. وتستعد الرياض خلال الأيام القادمة لتوجيه الدعوة للرئيس السورى لحضور اجتماع الدورة الخمسين للقمة العربية فى الرياض، فى الثلث الأخير من الشهر القادم. كذلك أمر «قيس سعيد» باتخاذ الاجراءات لإعادة فتح السفارة السورية فى تونس، وكانت دولة الإمارات سباقة فى إعادة التمثيل الدبلوماسى مع دمش قبل خمسة أعوام.
اتفاق الرياض - طهران يقوم طبقا لبنوده على أسس تضمن شروط تنفيذه، وتحفظ حدود الخلاف بين طرفيه، لذلك يفترض أنه يمهد الأرض لتسوية سلمية فى الحرب الدائرة على امتداد أكثر من عقد فى اليمن، الذى لم يعد سعيدا، وبات يئن من الفقر والجوع والمرض والتهجير، وافتقاد العيش الآمن، وتعرض تاريخه الأثرى والحضارى للتخريب المتعمد، فى مخطط متكامل لتغيير هوية المجتمع اليمنى. وفى الوقت الذى استدعى الحوثيون أذرعهم الإعلامية الموجودة فى لبنان للعودة إلى اليمن، سيجرى نهاية رمضان الجارى تبادل للأسرى بينهم وبين معارضيهم.
إذا ما خلصت النوايا، فإن الاتفاق يمهد لأجواء مواتية لوقف تمدد المشروع الإيرانى التوسعى فى المنطقة العربية، ويحول دون تحول شمال اليمن إلى قاعدة للأسلحة الإيرانية، كما يفتح باب الأمل لحوار عربى حقيقى للتوصل لفهم عربى مشترك لتحديد طبيعة أزمات المنطقة، للتوصل لحلول داخلية عربية لها. وما يجعل هذا الأمل حاضرا، أنه من غير المتوقع أن يكون الدور السياسى لدولة عظمى مثل الصين فى المنطقة قاصرا على المصالح الاقتصادية فقط، والأرجح أنه أبعد مدى من ذلك. ولعله جاء فى وقته تماما، بعد أن أدرك النظام العربى، ولو متأخرا، أن المشروع الأمريكى فى المنطقة يستهدف منذ طوفان الربيع العربى، إسقاط الدولة الوطنية، وتحويلها إلى خراب شامل، لنهب ثرواتها من جانب، وحماية أمن ربيبتها إسرائيل من جانب آخر.
الأمل يبقى حاضرا، مع توجه دول المنطقة للبحث عن مصالحها شرقا، مع الهند والصين والبرازيل، وروسيا بعد أن تشكف للنظام العربى بالتجارب العملية، أن الغرب الأمريكى، يصطنع للمنطقة مشاكلها، ثم يتحكم فى إدارة مسارتها، ليعقد فرص الوصول لحلول لها، ليبقى منفردا فى ساحتها، بمساندة عربية!
وتزداد فرص الأمل اتساعا، مع تولى جيل جديد سلطة القرار فى السعودية ودول الخليج، يرنو بالعلم والتخطيط والحكمة والذكاء، والتنمية الاقتصادية والبشرية والفهم العميق للتغيرات التى باتت تلحق بالنظام الدولى ذى القطب الواحد المهميمن، إلى ترك ساحة المفعول به والمغلوب على أمره، للانتقال إلى ميدان الفاعل والمشاركة فى إعادة بناء ذلك النظام، على أسس من المصالح المشتركة والمبادئ العادلة.