كنوز الوطن
من سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركه الله فى جوف المخاطر، جبر الخواطر خلق عظيم لا يتحلى به إلا من امتلك قلبًا راضيًا ونفسًا طيبة، وخاصة فى هذا الزمان الذى غلبت فيه المصالح وسادت المنفعة، واشتدت الأزمات الاقتصادية، فكل من يمتلك قدرة على جبر خواطر الناس فى هذا الظرف هو عملة نادرة، جبر الخواطر فيه إغاثة الملهوف ومساعدة الضعيف وإعانة المحتاج وإطعام الفقير ورفع الحرج عن المنكسر، قبلة على رأس شيخ بسيط، وابتسامة فى وجه سائل، جبر الخواطر مفتاح للقلوب لا يملكه إلا من وهبه الله قدرة على صناعة السعادة وهؤلاء قليلون لكنهم مؤثرون وفاعلون، أياديهم طيبة وكلماتهم ترطيب للنفوس، الإنسان الذى يجبر الخواطر ثوابه كبير وفى يوم من الأيام عندما يقع فى شدة سيكرمه الله ويجعل له من يجبر خاطره، ومن سارع لإنقاذ الآخرين سيجد من ينقذه كلما احتاج لذلك، ومن كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته، فجبر الخواطر كما يقولون سلف ودين، يقول الإمام سفيان الثورى: ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه، مثل: جبر خاطر أخيه المسلم. الشخص الذى تجبر بخاطره اليوم، هو نفس الشخص الذى سيجبر بخاطرك، أو بخاطر من تُحبهم غدًا وهذه قواعد يجب أن تسود بيننا وأن نعلمها لأبنائنا، أن مساعدة المحتاج فرض على كل مقتدر، وعدم رد السائل فى حدود الإمكانيات من حسن الإيمان، والمعاملة الطيبة للجميع سمة الخيرين المحبين لله وكما يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم خيركم خيركم لأهله وهذه دلالة على أن الأقربين أولى بالمساعدة وعدم البخل والبعد عن مساعدة الأقرباء وغير الأقرباء. ورمضان بلا مبالغة هو شهر جبر الخواطر وفيه يعم الخير وتنتشر أفعال الكرم ومساندة المحتاجين وفى بداية هذا الشهر الفضيل نرى الشعور الطيب الذى يسكن قلوبنا جميعاً من كثرة الخير ومساعدة الفقراء والمشاهد الجميلة التى نراها فى شوارع مصر، وجبات الخير وموائد الافطار، وكيف يقف أقباط مصر يفطرون المسلمين فى الشوارع والطرق فى مشهد لا تراه إلا فى مصر فقط، نرى الوحدة والألفة والتراحم والمودة بين الجميع فلماذا يقتصر هذا المشهد الرائع على رمضان ولا يستمر طوال العام؟.
إن ما يتبقى للانسان من حياته هو عمله وسيرته الطيبة لذا علينا أن نحرص على فعل الخير وأحد أهم هذه الاعمال هى مساعدة الناس فمن ستر مسلمًا ستره الله فى الدنيا والآخرة وكما قال سيدنا محمد إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.