رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

كان الموسيقار «بليغ حمدى» يفرق بين نوعين من المطربات ذوات الصوت الجميل، بوصف إحداهن بأنها مطربة نجمة، والأخرى مطربة فقط. وضرب مثلا على نظريته بالمطربة «سعاد محمد» الذى قال إنها ذات صوت قوى بالغ الحساسية والتأثير، لكنها تفتقد للنجومية. من عندى أضيف أن الذكاء الذى يمتلك به المطرب القدرة على إدراك طبيعة الذوق الغنائى السائد فى المناخ العام، يعد عنصرا هاما مؤثرا يفصل بين النموذجين اللذين يشير بليغ إليهما.

 ولعل ما فعلته المطربة «وردة» فى منتصف مشوارها الغنائى بدايات التسعينات دليل على ذلك. ابتعدت قليلا عن  الأغنيات الطويلة، وانعطفت بسلاسة إلى الأغنيات القصيرة ذات الإيقاع السريع الراقص، تزامنا مع الموجة الغنائية الشبابية التى سادت، وسيطرت على الأذواق، وعلى سوق توزيع الألبومات آنذاك. وكانت أغنيتاها الشهيرتان حرمت أحبك ما تحبينيش، وجرب نار الغيرة، مثالا واضحا على ذكاء اختيارها لجذب جيل الشباب إليها، وإقناعه بأنها باتت جزءا مما كان يعرف بالأغنية الشبابية. وكان الانتشار الهائل للون الجديد لغنائها، دليلا لا تخطئه عين على نجاحها فى استيعاب موجة الأغنية الشبابية، وفشل تلك الموجة فى تهميشها.

 فى أى الموقعين ياترى يمكن أن نضع المطربة شريفة فاضل التى غادرتنا قبل أيام ؟ فى ظنى أن  مشوارها  الفنى خارج عن التصنيف. فقد بدأته صبية هاوية  فى العام 1947 بالتمثيل فى فيلم الأب، وهو الطريق الذى أنجزت فيه ثلاثة عشر فيلما، كان آخرها فيلم سلطانة الطرب عام 1979. لكنها  توقفت عن السير فيه، بعد أن أدركت أن التمثيل ليس هو مجالها، وأن شغفها الأول والأثير هو الغناء.

بدأت شريفة فاضل رحلة الغناء فى وسط يسطع بنجوم المطربين من الرجال والنساء. ولعل أم كلثوم التى شكلت لها مثلا أعلى ترنو إليه، وتمنت أن تكون التالية لها، كانت خارج المنافسة. كانت الساحة الفنية مأهولة بنجاة وشادية  وفايزة أحمد وهدى سلطان وصباح وفايدة كامل ونجاح سلام،لكنها مع ذلك نجحت فى أن تخط لنفسها طريقا خاصا فريدا لا يشبه أحدا. لم تترك شريفة فاضل نفسها  تسقط أسيرة  لمنافسة سلبية مع جيلها، وسمحت لها موهبتها الصوتية أن تتميز بطريقتها الخاصة فى ساحة الكبار، وأن تشق لصوتها الشجى الرنان ذى البحة الحنونة مكانة فريدة، فتتألق وتبدع وتدهش وتمتع وتحصد نجاحا وراء آخر. وربما ساعدها على ذلك تعلمها العزف على العود والبيانو، وتعدد مواهبها من الغناء إلى الرسم، ومنهما إلى التلحين. 

ظلمها من حصرها فى سجن التصنيف الواحد كمطربة شعبية ناجحة وحسب. فبداياتها تشى بأكثر من ذلك. والأغنية التى كتبها إسماعيل الحبروك ولحنها محمد الموجى وتشدو فيها، أمانة ما تسهرنى يا بكرة، أمانة ما تحيرنى يابكرة، أمانة ما تجرحنى، أمانة لتفرحنى،هى التى صنعت نجوميتها، وجذبت محبة الناس لصوتها، وهى أغنية عاطفية مليئة بالشجن. وكشف  أداؤها البارع عن مقدرتها المتفردة فى الحفاظ على جمال الكلمة،والتعبير عن حالة الأمل و الرجاء عن مضمونها، بما يعنى أننا أمام مطربة كبيرة من العيار الثقيل. وهو الشىء نفسه الذى ندركه مع اغنيتها لما راح الصبر منه جانا يسأل عن دوا، ويا ابنى يا ضانيا. وغيرهما.

وظلمت شريفة فاضل نفسها حين قادها شغفها بالرغبة الدائمة فى الغناء، للاكتفاء به فى الملهى الليلى الذى امتلكته، وفتح أمامها الباب للغناء فى كل الأقطار العربية، ولكنه حجبها عن الجمهور الذى لم يستطع أن يذهب إليها حيث هى، وعزلها عن الحفلات العامة والمهرجانات الغنائية ومعظها كان يصور تليفزيونيا. وظلمتها إذاعة الأغانى حين لم تدرجها فى قائمة المطربات التى تحدد لهن فترات يومية مميزة. وبرغم كل ذلك فإن وهج تراثها الغنائى لن ينطفئ أبدا، وسيبقى راسخا فى الوجدان الجمعى للجمهور،لأنه يستند إلى قاعدة صلبة من الأصالة، منحها عن جدارة لقب سلطانة الطرب.