رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

بالسعودية قبلة أكثر من مليار مسلم حول العالم، وسيبقى هذا البلد بأحكام الدين والتاريخ، المكان الذى شهد مولد عقيدة جديدة وأخيرة ختمت بها السماء ملف الأديان ومهابط الوحى.. وبحكم الطبيعة فقد تفجرت بأرضها ثروة نفطية منذ نهايات أربعينيات القرن الماضى عوضت جزيرة العرب عن قرون طويلة ظلت خلالها تنتظر عطف السماء وكرم الأرض، وقد كان ونالت الحسنيين..

السعودية فى مراحل تطورها السياسى من الدولة الأولى 1727 – 1818 ثم الدولة الثانية 1818 – 1891 فالدولة الثالثة 1902 والمستمرة حتى يومنا هذا ظلت تتحرك فى حدود تصورات سياسية واجتماعية وثقافية لم تتغير كثيرا من عهد لآخر، أو من جيل لآخر.. وبرغم دخول السعودية عصر الوفرة المالية والتخطيط الاقتصادى الذى بدأ فعليا بها عام 1970 بالاهتمام بالتعليم واستحداث بنية أساسية تقوم عليها دعائم الاقتصاد الحديث خاصة شبكات الطرق ومحطات الكهرباء وتحلية المياه – إلا أن ذلك لم يغير كثيرا فى الفكر الاجتماعى السائد وفى الثقافة المنقولة من دولة إلى دولة ومن جيل إلى جيل. على مدى ما يقرب من قرنين من الزمان ظل ما يتغير فى السعودية أكثر ارتباطا بمظاهر العمران وأنماط الاستهلاك، بعيدًا عن أى مساس بالفكر الاجتماعى الذى ظل ينتقل من من حقبة لأخرى بجوهر قديم وظاهر حديث.

أتصور وأنحاز لفكرة أن يوم 23 يناير 2015 الذى بويع فيه الأمير سلمان بن عبدالعزيز ملكا للسعودية خلفا للراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان تاريخا لنهاية مرحلة الدولة السعودية الثالثة وبزوغ فجر الدولة السعودية الرابعة. ظل الملك سلمان لسنوات طويلة حكما بين أشقائه، ورئيسا لمجلس العائلة، وقد خبر الكثير من التجارب، وهو الابن الخامس والعشرون لمؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وقد ولد الملك سلمان يوم الحادى والثلاثين من ديسمبر عام 1935.

الرأى بأننا اليوم نعيش العقد الأول من عمر الدولة السعودية الرابعة يرتبط أشد الارتباط بتوجه الملك سلمان نحو صناعة مستقبل جديد للسعودية، يجعلها تتجاوز مرحلة دولة الوفرة إلى عصر دولة انتاج المعرفة والمجتمع الجديد.. منذ ما يقرب من ربع قرن والسعودية تبتعث كل عام لأهم الجامعات بالعالم حوالى عشرة آلاف من شبابها، أى أن هذا البلد الآن يعيش ويعمل به أكثر من ربع مليون ممن درسوا وحصلوا على أرقى مستويات التعليم فى أوروبا والولايات المتحدة، ومن هؤلاء من تقلدوا أرفع المناصب فى مجالات عمل مختلفة.. يتصدر الأمير محمد بن سلمان المشهد السياسى بالسعودية، وأصبح لاعبا أساسيا فى العلاقات الدولية، وأعتقد أن الملك سلمان كان على وعى من قبل مبايعته ملكا على البلاد أنه قد آن الأوان أن يتولى دفة القيادة والانتقال بالبلاد نحو شواطئ جديدة جيل جديد ليس فقط بعمره الشاب، لكن الأهم بقدرته على التغيير وصناعة مستقبل مختلف عما ظل سائدًا منذ قرابة الثلاثة قرون.. أمام القيادة السعودية سواء التاريخية الممثلة فى الملك سلمان، أو العصرية الفاعلة الممثلة فى ولى العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان، الكثير من التحديات الداخلية والاقليمية والدولية، وقد تكون اللحظة العالمية أو الكونية الراهنة هى الأكثر ملاءمة لخروج السعودية دولة ومجتمعا وحلما وواقعا إلى فضاءات جديدة من التأثير والتأثر.. ولكن فى المقابل فإن لصعود الدول استحقاقات سياسية واجتماعية وإنسانية كثيرة، من يعيها أثناء رحلة الصعود ويحترم أثمانها سيصل إلى شواطئ جديدة وينخرط فى عالم مختلف، ويحقق لبلده وشعبه فى عقدين ما لم يتحقق فى قرنين، وأعتقد أن السعودية الآن فى مرحلة الإقلاع، وتعرف قيادتها وجهتها فى الفضاءات الجديدة متحررة من كثير مما بدا فى عالم السياسة والتحالفات والخصومات وحتى الأديان مقدسا، وهو ليس كذلك.