عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

انتشرت فى الآونة الأخيرة ظاهرة العنف الأسرى لتضرب أركان المجتمعات فى مقتل وتتسبب فى الكثير من المشكلات التى يمتد تأثيرها إلى الكثير من جوانب المجتمع، وفى ظل هذا الانتشار فإن الدراسات التى تتناول هذه الظاهرة لا تزال عاجزة وغير كافية للوصول إلى رصد أسبابها الحقيقية والمختلفة والجوانب والآثار المترتبة عليها وأوجه العلاج وتقليص هذا التأثير، فبعيدًا عن لغة الأرقام التى لا غنى عنها كضرورة للانتباه إلى مدى خطورة العنف ووصوله إلى حد الظاهرة بل واقترابها من درجة الاعتياد وهذا هو الأخطر، فلا بد أن يكون هناك اهتمام أكبر بالناحية الاستقصائية، من واقع التعقيد الذى يكتنف العلاقات الأسرية، للوقوف بشكل حيادى وجاد على الدوافع والأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة خصوصًا فى المجتمعات المسالمة والآمنة.

وإذا ما تأملنا قول الله تعالى «وَمِنْ آيَاتِهِ أن خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إليها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً أن فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِى على الرِّفق ما لا يُعطى عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِى عَلى مَا سِوَاهُ»، وقوله «إِنَّ الرِّفقَ لا يَكُونُ فى شيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ» لأدركنا كم أن الدين أوصى بالرفق والرحمة وكل المعانى الإنسانية النبيلة التى تجافى بكل صورة معنى العنف الذى يؤدى إلى خراب الأرض واستحلال الدماء فيما بعد التى حرمها الله، ولأن كل مجتمع يبدأ من الأسرة التى تمثل الشجرة الأولى للنواة الأولى التى هى الإنسان، تلك الشجرةُ التى جوار أخواتها تشكل حديقة الكون الغناء بالسلام، أو الغابة بالعنف، فلا بد إذا من النظر فى قيم الأسرة التى يجب أن تكون عليها كأساس عام للتعاملات، وفيمٍ ثابتة إذا تعرضت لخلل أو اهتزاز وجب التدخل الفورى والسريع للمعالجة بأدوات ثقافية وتربوية، والوقوف جدارًا صلبًا وبشتى الطرق للحيلولة دون انهيار هذه الأسرة وتفككها أو تعميق الشروخ بها، وليكن هذا التدخل وَفق حكمةٍ وفهم وعلم أيضاً، ليس فقط بحكم حسن النوايا والنية فى الإصلاح، فهنا فى هذا المقام لا تكفى النيات الصادقة لإعمار الأسر، ولكن لا بد من اكتساب مهارة الحوار واكتساب الحكمة وثقة الآخرين والوعى بالمسائل الاجتماعية كعلم قائم بذاته، تجنبًا للأضرار الناتجة عن التدخل العشوائى أو الذى بدافع الفضول، وليكن الحرص فى المقام الأول على النبتة الطيبة داخل كل أسرة، الأطفال الذين نسميهم أحباب الله، والذين لا ذنب لهم فى الوجود سوى أنهم جاءوا أبناء لأبوين قد تخونهما مسألة العقل والتفكر، أو تحكم علاقتهما الأنانية حتى لو كان أحدهما على حق، غير مبالين بهؤلاء الملائكة البريئة التى تحلم بمستقبل آمن وهانئ، ولكن هيهات فى ظل أسوأ ظاهرة يمكن أن تتعرض لها المجتمعات وهى العنف الأسري.

ويحدث العنف الأسرى عندما يضمر الإنسان عدوانية وكراهية تجاه الآخرين، الأمر الذى يتحول تدريجيًا لأداة لقهر الأشخاص الأضعف وجعلهم تحت وطأته ويدفعون ثمن أخطاء لم يرتكبوها، ومن ذلك نجد العنف ضد المرأة: الزوجة، الأم، الأخت، الابنة، والعنف ضد الأبناء، وتنتج عنه آثار صحية بدنية ونفسية ضارة جدًا للأطراف الممارس ضدها هذا العنف، ولا يوضع فى الاعتبار هنا أن كل شخص يتعرض لذلك هو قنبلة موقوتة ومتفرعة فيما بعد داخل المجتمع، لذلك لا بد من وقفة جادة عبر المؤسسات الرسمية والمجتمع المدنى والوسائل الإعلامية وتكاتف جميع الجهود للتصدى إلى هذه الظاهرة المقيتة المؤثرة على السلامة والحياة، وتترك أثرها الكبير المدمر ممتدًا بصورةٍ مؤلمة وضارة.