رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى حارة شعبية بحى الأزهر الفاطمى، كان يجلس كل نهار فى دكان متواضع حائك ثياب اسمه موسى بن عيسى الدميرى، وإلى جانبه ابنه الصغير محمد يعاونه فى العمل، اعتاد محمد أن يرقب الشيخ السبكى عالم الدين فى الحديث والتفسير بحب متأملاً قامته وهامته، كان الأب ينظر إلى طفله ويعى رغبة الابن فى أن يكون عالماً مثل الشيخ السبكى، ويود الأب أن يعفيه من مساعدته فى حياكة الثياب وينذره لطلب العلم، ولم يجد الأب ما يقوله لولده سوى كلمات قصيرة يكررها له بين يوم وآخر: العلم فى الكتب يا بنى والعلماء منذ مئات السنين يمارسون حرفاً شتى، حتى لا يكونوا بحاجة إلى رواتب الحكام والأمراء ولا يخضعون لسلطان.

كانت عين الطفل على الإبرة والخيط والنسيج، والأخرى على كلمات كتاب مفتوح أمامه يقرأ فيه بشغف، هذا الطفل أصبح الأديب العالم محمد بن موسى بن عيسى شيخ طائفة الخياطين فى القاهرة، ولقبه كمال الدين وشهرته الدميرى، صاحب كتاب حياة الحيوان الكبرى، هذا الكتاب كان خطوة أولى وكبرى فى علم التاريخ الطبيعى، وربح الوراقون والنساجون فى حياة الدميرى من هذا الكتاب الذهب والفضة، وأُعجب به علماء عصره وعامة أهل زمانه.

وذات ليلة أقبل على الدميرى حفيد من أحفاده، وطلب من جده أن يحكى له قصة، وشرع الدميرى وقد أجلس حفيده فى حجره يقص عليه حكاية، وقال:

فى الغابة، تصادق أسد وثعلب وذئب، وجاعوا يوماً فخرجوا للصيد معاً، وتعاون الثلاثة معاً، فصادوا حماراً وظبياً وأرنباً، وقال الأسد للذئب: اقسم بيننا بالعدل يا صاحبى.. من يأكل الحمار؟ ومن يأكل الظبى؟ ومن يأكل الأرنب؟ وعوى الذئب فرحاً.. وقال للأسد:

أنت أكبرنا وسيدنا والحمار أكبر ما صدناه اليوم، فالحمار لك لتأكله، وأنا أكبر من الثعلب، فالظبى لى لآكله، والثعلب أصغر منى، فالأرنب له ليأكله، وهذه عدالتنا نحن الذئاب.

وغضب الأسد من قسمة الذئب، فالظبى ألذ لحماً، وأشهى مذاقاً من الحمار، ولذلك احتجزه الذئب لنفسه فى القسمة، ووثب الأسد على الذئب، وفصل رأسه عن جسده، ثم قال للثعلب: أيها الثعلب الذئب جاهل بالقسمة، ولم يكن عادلاً معى ولا معك، فقال له الثعلب الماكر:

نعم يا سيد الغابة، وسأكون عادلاً فى قسمة الصيد، فقال له الأسد:

كيف ونحن اثنان وما صدناه ثلاثة؟ اقسم يا صاحبى بيننا بالعدل أو..

فقال له الثعلب مقاطعاً:

يا ملك الغابة، القسمة واضحة: الحمار لغدائك، والظبى لعشائك.. أما الأرنب فهو لك أيضاً تأكله بين الغداء والعشاء!!

فضحك الأسد وقال للثعلب:

أحسنت القسمة يا صاحبى.. من علمك حسن القسمة؟ فوثب الثعلب مبتعداً، وقال:

علمنى حسن القسمة رأس هذا الذئب الذى فصلته عن جسده.

وقال الدميرى لحفيده:

أعرفت مغزى القصة يا صغيرى، حين تكبر لا تصاحب أحداً له طبع الأسد، ولا أحداً له طبع الذئب، ولكن الحفيد الصغير كان قد نام فى حجر جده، وأقبلت ابنة الدميرى لتحمل صغيرها، عائدة إلى بيتها فى حى الأزهر، نام الطفل، وظلت القصة حية لا تنام، تعلِّمنا كيف يكون عدل الذئاب.

[email protected]