عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما من جدال فى أن قلب الإنسان هو المعيار الرئيسى لفلاحه، وما تلك الخفقات سوى نبض الإحساس بالنعم، والقلب السليم أساس الصلاح، وهو الذى ينفع الإنسان فى حياته وبعدها، إذ يقول المولى سبحانه وتعالى فى سورة الشعراء «يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»، فإن كان قلب الإنسان سليمًا صحيحًا، كانت كل حياته سليمة لا عِوجَ بها مهما رآها قاسية أو صعبة، يكون قلبه شافعًا له ومعينًا على تهوين الصعاب، والجسد يصلح ويفسد بصلاح وفساد القلب، مصداقًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم، (ألا وإنَّ فى الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وإذَا فَسَدَتْ، فسدَ الجَسدُ كُلُّهُ، ألا وهِيَ القَلبُ).

ومن علامات القلب السليم، أنّه قلب خالٍ من الأحقاد والبغضاء والحسد والكره والأخلاق الذميمة، محافظًا على نقائه متحليًا بالأخلاق الحميدة طيب السريرة، ذاكرٌ لله مطمئنٌ بذكره سعيدٌ بالقرب منه غايته رضا الله وتوفيقه وإعانته، متوكلا عليه، لا ترهقه صروف الدنيا بيأس أو قهر، حتى إذا انقضى يوم من أيامه وهو على هذه الحال اطمأن قلبه وشعر بالسعادة والراحة والسكينة، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: كنَّا جلوسًا مع الرَّسول صلى الله عليه وسلم فقال: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنَّة، فطلع رجل من الأنصار، تَنْطِفُ لحيته من وضوئه، قد تَعَلَّق نَعْلَيه فى يده الشِّمال، فلمَّا كان الغد، قال النَّبى صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرَّجل مثل المرَّة الأولى، فلمَّا كان اليوم الثَّالث، قال النَّبى صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضًا، فطلع ذلك الرَّجل على مثل حاله الأولى، فلمَّا قام النَّبى صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إنِّى لَاحَيْت أبى فأقسمت ألَّا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيت أن تُـؤْوِيَنى إليك حتَّى تمضى، فَعلتَ. فقال: نعم. قال أنس: وكان عبدالله يحدِّث أنَّه بات معه تلك الليالى الثَّلاث، فلم يره يقوم من اللَّيل شيئًا، غير أنَّه إذا تعارَّ وتقلَّب على فراشه، ذَكَر الله عزَّ وجلَّ وكبَّر حتَّى يقوم لصلاة الفجر، قال عبدالله: غير أنِّى لم أسمعه يقول إلَّا خيرًا. فلمَّا مضت الثَّلاث ليال، وكدت أن أحتقر عمله، قلت: يا عبد الله، إنِّى لم يكن بينى وبين أبى غضب ولا هَجْرٌ، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مِرَار: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنَّة، فطلعت أنت الثَّلاث مِرَار، فأردت أن آوى إليك لأنظر ما عملك، فأقتدى به، فلم أرك تعمل كثير عملٍ، فما الذى بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أنِّى لا أجد فى نفسى لأحد من المسلمين غِشًّا، ولا أحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التى بلغت بك، وهى التى لا نطيق».

وكثيرًا ما تمر على الناس أيامٌ صعبة وظروفٌ قاسية، وقد تشمل الجميع، ولا يهون مثل هذه الأيام سوى تحلى الخلق بالقلوب الصافية الطيبة السليمة التى تحمل الخير داخلها مهما بدا خارجها من قسوةٍ، تلك القلوب هى التى تقطع الأشواط فى طمأنة الخائفين وفى وجودها تحل بركة الخير وينزل الله سكينته على الأمة، فنجد من هذه القلوب من تمشى ليلا إلى بيوت الفقراء وتمنح من كرم الله عليها، ومن هذه القلوب من ترتب المبادرات لتوفير أغطية ثقيلة للذين بلا مأوى أو مشردين خصوصًا مع اشتداد البرد والشتاء، ومن هذه القلوب من تتفق مع المطاعم لتوزيع حصة ثابتة وتزيد على محتاجين بلا عائل، ومن هذه القلوب من تخصص وقتًا لدروس واستذكار لأبناء الفقراء، ومنها من يتجه للتبرع بدمه، ومن يتبرع بقدرٍ من أمواله لبعض المؤسسات العلاجية التى تمثل ثقلا كبيرا ولها أهميتها فى المجتمع مثل مستشفى أبو الريش للأطفال مثلا، إنها القلوب المحبة الكريمة التى تتحلى بالرضا بالقليل فيجعله الله كثيرًا والتى تمشى على الأرض هونًا وتحسن الظن بالله خالقها وبالناس، وتشعر دائمًا وتدرك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).