رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

 

كنت أتمنى أن يحظى الرئيس البرازيلى لولا دا سلفا باحتفاء خاص على المستويين الشعبى والرسمى لدى وصوله مصر للمشاركة فى قمة المناخ فى شرم الشيخ، لما بات يمثله من نموذج فذ فى إدارة ناجحة لبلد متعدد الأجناس والطبقات الاجتماعية، ينسب بشكل ما إلى الدول النامية، ويشبه إلى حد بعيد ما نحن فيه فى مصر الآن. فضلاً عن نموذجه الشخصى الذى غدا أيقونة للصعود الاجتماعى من قاع المجتمع إلى قمته. وبدا لافتاً للنظر أن يحظى حضوره الطاغى فى قمة المناخ باهتمام وسائل الإعلام الدولية، بينما غاب هذا الاهتمام عن الصحافة المصرية. وحرص داسلفا على المشاركة فى أعمال قمة المناخ بشرم الشيخ، ولم يكد يمضى على انتخابه للمرة الثالثة رئيساً للبرازيل عدة أيام، وكانت تجربته الفريدة فى حكم البرازيل لمرتين قد قفزت بها مراحل هائلة لتصبح ثامن أقوى اقتصاد فى العالم قادر على المنافسة الناجحة فى الأسواق الدولية، وفى مكافحة الفقر، فى بلد يتجاوز عدد سكانه مائتى مليون نسمة.

نشأ دا سلفا فى أسرة تعانى من براثن الفقر، هجرها والده وهو طفل ليتزوج بأخرى، تاركاً خلفه أماً وسبعة أبناء. خرج دا سلفا إلى ميدان العمل طفلاً، يتنقل فى سوقه من بائع خضراوات إلى عامل فى محطة بنزين، ومن ماسح أحذية إلى حرفى فى ورشة لصناعة السيارات. وبعد أن خاض دورة تدريبية لمدة 3 سنوات كانت هى مجال دراسته المنتظمة الوحيدة، تخصص بعدها فى التعدين ليبدأ مرحلة عمله النقابى، فى واحدة من أكبر النقابات العمالية هى نقابة عمال الحديد الذى انتخب فيما بعد رئيساً لها، ولتتكون خلال نشاطه النقابى وسط عمالها توجهاته الاشتراكية. 

رحلة شاقة حافلة بقوة الإرادة، عامرة بالمثابرة والصبر ومبللة بالعرق والدم والدموع، لتصل به وهو فى السابعة والخمسين من العمر إلى أن يتقلد بالانتخاب أعلى منصب فى بلاده. ولأن قوى اليمن المتطرف فى البرازيل ذات ارتباطات دولية، ومدعومة من شركات متعددة الجنسية، فقد نجحت فى تلفيق تهمة فساد أفضت إلى سجن دا سلفا، بهدف منعه من العودة للترشح فى الانتخابات الرئاسية وإلى صعود ممثلها جابير بولسونارو إلى مقعد الرئاسة. وبعد أن أمضى دا سلفا 18 شهراً فى سجن حكم عليه فيه بالحبس12 عاماً، ألغت المحكمة العليا بإجماع أعضائها حكم حبسه وردت إليه حقوقه السياسية بما أهله لخوض الانتخابات الرئاسيىة الأخيرة والفوز بها. 

يدرك دا سلفا أن نصف الناخبين لم يعطوه أصواتهم بحكم الدعايات السوداء للتشكيك فى حكم رئيس يسارى. لكن تجربته السابقة منذ انتخابه رئيساً لدورتين متتاليتين فى الأعوام 2002 و2006، باتت ملهمة وتحظى بدعم شعبى كبير. فقد تمكن عبر نظام اقتصاد السوق أن يوفر النجاح لخططه للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى ومكافحة الفقر، حين فرض رقابة صارمة على الأسواق، وأوقف برامج تصنيع الأسلحة، واتخذ من نظام الضرائب التصاعدية مدخلاً لتحقيق العدالة الاجتماعية. بما هيأ المناخ لتتصاعد القدرة التنافسية للاقتصاد البرازيلى، ولنمو القطاع الخاص. وفى ظل استقرار مالى تمكن الاقتصاد البرازيلى من تحقيق إنجازات فى مجالات التكنولوجيا المتطورة وأبحاث البترول والفضاء، وغير ذلك ما جعل البرازيل قوة دولية لا يستهان بقدراتها، لاسيما فى مجال مكافحة الاحتباس الحرارى حيث أعلن دا سلفا عودة بلاده مرجعاً على صعيد المناخ العالمى بدعمه لغابات الأماوزن كثيفة الأشجار، وحمايتها من خطط سلفه للقضاء عليها. 

 كان الاحتفال الاستثنائى بدا سلفا فرصة للتعلم وتبادل الخبرات للاستفادة من التجربة البرازيلية والاحتفاء بها، خاصة أن الدولة المصرية تنهض بمشاريع عمرانية وتنموية لبناء الجمهورية الجديدة التى تسعى بكل الجهود لتشييدها. لكن احتشاد عشرات المئات من الشباب المشاركين فى قمة المناخ للالتفاف حوله، وإحالة ندوته لواحدة من أكبر ندوات القمة، قد شكل احتفاء من نوع آخر به، كان يمكن أن تكتمل صورته باحتفاء رسمى مماثل.