رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

مما لا شك فيه أن الأفراد في كل مكان وزمان، لا يمكنهم العيش بمعزل عن الآخرين كل على حدة، ومن هنا جاءت فكرة المجتمع وقوامه الاختلاط بالآخرين، حتى المكونات الاجتماعية التي تزيد على فردين كالأسرة والعائلة والقبيلة وغيرها، فهي كذلك لا تستطيع العيش بمعزل عن مكونات أخرى يشكلها المجتمع، بحيث يتحقق تبادل المنفعة والتعاون والتعاضد، والذي يتأكد مع وجود الفروقات بين الأفراد والمكونات من حيث القدرة المادية أو العلمية أو الصحية، ومن هنا تتضح أهمية التكافل الاجتماعي الذي يتأسس على فكرة نبيلة مفادُها مساعدة الآخر لتجاوز المحن والصعوبات، وهذا يعني أن الشخص حين يساعد غيره فإنه بالأساس يساعد نفسه في عالمٍ وحياة قائمة على تبادل المنفعة، والإعانة وتحقيق حاجة الشخص المكفول.

وقد حثت جميع الأديان والأعراف على تحقق التكافل الاجتماعي لما له من نفع كبير في إعمار الأرض، وبث روح السلام والطمأنينة والثقة في وجود الخير، خصوصًا أن هناك أوقاتًا يكون الناس فيها بحاجة شديدة إلى مثل هذا الأمر من التكافل، ومد يد العون بالمساعدة مثل الظروف الاقتصادية الصعبة التي قد تضرب مساحة كبيرة من الأرض، لكن وطأتها تكون أشد على بعض المجتمعات، ومن ثم فالتكافل يمثل حجر زاوية وأساسًا مهمًا في انتشال هؤلاء المعوزين والمحتاجين وغيرهم ممن يعانون ظروفًا قاسية، من مغبة الفقر والحاجة والوصول بهم إلى بر آمن في الحياة يستطيعون الوقوف من بعده واستكمال رسالتهم في الحياة بمنطق البناء أيضا والتعاون على الخير والبذل، بهدف أن يحيا الإنسان حياة كريمة تليق بآدميته، وتحقق التوازن في المجتمع، وهو ما عبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، في الحديث الشريف: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، وهو المصدق للوحي والتنزيل الذي اعتنى أيما اعتناء بالتكافل الاجتماعي، معتبره قيمة حضارية عظيمة وعبادة مالية روحية مجزية الأجر لفاعلها في الدنيا والآخرة، فالإنسان الذي يقدم على تقديم المساعدة وكفالة من يحتاج في مجتمعه يُشعره الله بشعورٍ طيب ويرضى عنه ويوفقه في كل عمله، بل إن هداية الإنسان لهذا المسعى هو أجر كبير في حد ذاته، فيشعر الكافل دائما بالسعادة والانتماء والرضا والتجدد وتخطي الأزمات، كما أن مساعدة الآخرين ودعمهم تعود على متبعها بالفائدة وتجعله أكثر ثقة بنفسه، فضلا عن كون هذا السلوك الطيب مؤشرا للعمل الصالح يقتدى به آخرون، وهذا كله شملته مفردة ومعنى «اليسرى» في قول الله تعالى من سورة الليل « فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى». وهذا أيضا يوضح من يُمسك يده ويجعلها مغلولة إلى عنقه في وقت يحتاج الناس في المجتمع إلى التعاضد والبذل وهو ما جاء في وصف الله تعالى (فسنيسره للعسرى)، أي أن العسر ومواجهة الصعاب جزاء القادر الذي يبخل عن التصدق، لذا فإن الإسلام كدين وسطي وأن خير الأمور دائما أوسطها ألهمنا الله إلى الإنفاق في حدود المستطاع لتحقيق التوازن الاقتصادي بين أفراد المجتمع، لا أن تكون هناك مبالغة في الإنفاق أو الإمساك، إذ يقول تعالى (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا).. إذًا هناك ضرورة إنسانية كبيرة ومهمة للتراحم والتعاطف مع الفئات الفقيرة في المجتمع، والأيتام وغيرهم، بمساعدتهم بما لا يجرح كبرياءهم أو مشاعرهم، وهي ضرورة تحقق الفائدة لهم ولمن يقدم يد العون معا، فالله هو المانح الأكبر الذي أكرمنا جميعا وكل ما نملك من نعم فمن الله.