فى الحديث النبوى الشريف «إذا ما مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له». وانتبهت حديثا أن المقصود هنا عمل الخير بغض النظر عن الديانة أو الملة أو الشعيرة. فمن يعمل خيرا للإنسانية، لابد أن يعود الخير إليه مرة أخرى بالضرورة. وقامت المذيعة المشهورة أوبرا وينفرى بعمل مؤسسة خيرية منذ أكثر من 25 عاما تقوم بمساعدة الفقراء والمحتاجين وتعليمهم ومساعدتهم فى استكمال دراساتهم وتوظيفهم. وقد قاموا مؤخرا بعمل احتفالية لتكريمها كان الحفل فى استاد رياضى بشيكاغو، وحين اعتلت المنصة النجمة أوبرا فى وسط الملعب، أعلنت مذيعة الحفل للجمهور أن خمسة وستين ألفًا من البشر قد كفلتهم أوبرا عبر مؤسستها الخيرية قبل أكثر من ربع قرن، ولم تتابع إلى أين وصل بهم الحال، وقد جاءوا من كل حدب وصوب ليقولوا لها (شكرا أوبرا) هؤلاء جميعًا قدمت لهم أوبرا منحا دراسية وحياة كريمة غير منقوصة وبلا منّة ودون أن يعرف أحد ذلك وهى أشهر إعلاميى أمريكا والعالم. والاحتفالية هنا تعبر عن الامتنان والرغبة فى رد الجميل. والمقترح هنا هو قيام رجال الأعمال والمشهورين والأثرياء ممن يودون عمل الصدقة الجارية بالاشتراك فى إنشاء مؤسسة خيرية بحثية لتقديم المنح الدراسية المدفوعة مسبقا للأيتام والفقراء ومن يحتاجون إلى المساعدة من الأطفال والصغار وذوى الاحتياجات الخاصة على اختلاف مراحلهم التعليمية. وإجراء البحث الاجتماعى الصادق وكذلك الاختبارات النفسية وقياس الذكاء للاطمئنان على أحقية الطفل فى المنحة الدراسية. وعمل تعاقد معه يشترط فيه أن يرد قيمة المنحة التى تم إعطاؤها له خلال سنوات دراسته بعد تخرجه وعمله فى أى مؤسسة عن طريق التبرع بجزء من دخله لمساعدة آخرين، كما يكون هناك شرط جزائى أن يحرم من المنحة أن قلت درجاته الدراسية ومؤشرات نجاحه عن حد معين فبالتالى يستوجب عليه الاجتهاد والتحصيل وعدم الإهمال أو التكاسل. وهكذا تدور دوائر الخير على الجميع. ويمكن أن نجحت الفكرة أن يكون هناك فروع لتلك المؤسسة فى كل محافظات مصر، وكذلك فى التعليم الدراسى الأكاديمى والتعليم الفنى والمهنى، للذكور والإناث، بالشروط التى تضمن عدم التلاعب أو تدخل الواسطة والمحسوبية أو الفساد. ويمكن للمتخرجين رد هذه المنحة عن طريق أما التبرع المادى بالنقود أو بالأجهزة والمعدات أو حتى التبرع بالوقت والجهد الشخصى والمساعدة فى تعليم الأجيال الجديدة وتحفيزها. وبالتالى نساعد فى استمرار متوالية الخير بشكل مستمر فمن يتعلم سوف يرد الجميل بكفالة اثنين على الأقل وهكذا... فيتحقق شرطان من الصدقة الجارية وهو علم ينتفع به وولد صالح يدعو له... فهل يمكن لوزارتى التضامن والبحث العلمى الالتفات إلى هذا الاقتراح لوضع آليات تنفيذه؟
كلية الآداب جامعة الإسكندرية