رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

البحث عن أساس منطقى، عن طريق الإجابة عن سؤال: لماذا تحدث الأشياء بهذه الطريقة، ولماذا نتصرف بهذا الشكل؟ قد يكون أمراً سهلاً لو أن البحث كان عن الأساس المنطقى لتصرفات فرد ما، أما عملية البحث عن تفسير منطقى لبعض الظواهر المجتمعية الغريبة التى ترقى إلى مرتبة العجائب، مثل تريند «إنتش وإجرى» مؤخراً، فهذا أمر صعب ومؤلم.

- الترفيه والنشوة المؤقتة والتسلية، بل ركوب «التريند» نفسه قد يكون أحد الأسباب والدوافع التى يمكن أن تفسر الرابط بين «تريند إنتش وإجرى» وتهافت الكثير من الفنانين، مثل إياد نصار وهند صبرى وفرقة «واما» على سبيل المثال، وغيرهم من الشخصيات البارزة والقنوات الإعلامية التى استضافت «الشاب الضحية» صاحب هذا التريند.

- لكن فى ظل هذه الحالة المتشعبة والمرتبكة والعجيبة التى نعيشها، نجد حالة من التشابه، قد تعطينا تفسيراً– ولو مؤقتاً– لهذا الترابط، وتقدم لنا إجابة أكثر منطقية عن كيف ولماذا يحدث «تريند إنتش وإجرى» وإخوته وأبناء عمومته وجميع أقرانه وأقاربه. هذه الحالة ستجدها فى رواية «صالح هيصة» للكاتب والأديب خيرى شلبى، وما جاء على لسان الشخصية الاستثنائية فى الرواية، وهو الشخص المسئول عن «رص الحجارة» فى «غرزة حكيم».. يقول «صالح هيصة» الذى حملة الرواية اسمه:

«شوف يا بيه!

ربنا خلق الدنيا هيصة.. وخلق فيها بنى آدم هيصة، كل واحد فى هيصة.. بيعمل هيصة.. عشان يلحق الهيصة، ويا يلحق يا ما يلحقش!.. وكلهم كحيانين.. بس كل واحد كحيان بطريقته!.. وأنا ملك الكحيانين!.. عشان كحيان بكل الطرق».

- فى «الغرزة» تذوب الأمزجة، وتختلط الهوايات والمهن والطباع، ويبْهَت الجميع على الجميع، حتى تتجانس جميعاً لتصبح مهنة واحدة وهواية واحدة، وهذا ما نجده تماماً فى متاهة «تريند التفاهة»، انتقلت روح «الغرزة» وعملية البحث عن المزاج إلى المتاهة، وأصبحت ممارسة التفاهة إلى مستوى الانحطاط سبباً فى نشوة البعض، مثل قطعة الحشيش أو حبة المخدر.

- والسؤال: كيف يمارس الكثير عملية التفاهة بهذه الجدية؟!، مثل عتاة «الحشاشين» الذين لا يعنيهم من أمر «الغرزة» إلا فرصة التحشيش المكثف سريع الإيقاع، سياسة خطف المزاج من وراء القانون، تراهم يحششون بغزارة وبجدية لو بذلوا ربعها فى أعمالهم لباتوا من العباقرة– كما وصفتهم الرواية، وكيف جمعت «متاهة التفاهة» هذا التنوع المجتمعى بالاتفاق عليها وممارستها بهذه الروح الواحدة؟، تماماً مثل هذا العالم المزاجى الذى يُجمع على «جوزة» واحدة ونفس واحد ولا يُفَرّق بين المثقف والبلطجى، وبين المتعلم والأمى، وبين المدير والخفير.

- قد تكون الإجابة عن الأسئلة السابقة كامنة فى مفهوم «شلة الغرزة»، كما تحكى الرواية، تلك الشلة التى دخلت «الغرزة» أفراداً، منهم الطفشان من «غرزة» كئيبة خطرة، أو هربان من ديون غير قابلة للسداد، والبعض الآخر مغرم بالبحث عن الأماكن العتيقة، والبعض يبحث عن سعر أرخص للمزاج والفرفشة، ومنهم من يبحث عن غرزجى صديق ينوب عنه فى شراء الحشيش على ضمانته.. إلخ.

- قد يكون لكل فرد سبب– لا يعرفه غيره– جعله يدخل «متاهة التفاهة والانحطاط»، حتى اجتمع الجميع، وذابت بينهم المهن والهوايات فى لحظات سكر استثنائية، ليكون البحث عن المزاج هدفاً واحداً للجميع فى هذه المتاهة.

- أخيراً نؤكد أن بطل قصة «إنتش وإجرى» مجرد ضحية فى «غرزة المزاج» و«متاهة التريند»، كجثث سابقيه الملقاة فى شوارعها وحواريها وأزقتها، ضحية أصحاب التسلية والفرجة، ضحية قنوات إعلامية قدمته كنجم حقق ما لم يحققه أحد من أبناء جيله، ضحية مدرس استغله فى سنتر دروسه الخصوصية، ليعطى– ظاهرياً– حصة فى الموسيقى، والسبب الحقيقى تقديم فقرة ترفيهية لطلابه، الذين يدفعون من اللحم الحى ليحصلوا على قدر معقول من الشرح، لا يوفره هذا المدرس فى فصله.

- فى النهاية.. نحن جميعاً ضحية من روَّج وساهم ونشر وجعل من «تريند التفاهة» و«متاهة الانحطاط» نموذجاً للنجاح والشهرة، وسندفع جميعاً ثمن هذا غالياً.

[email protected]