رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

 

 

 

شكل الطريق إلى حرب أكتوبر، التى حلت ذكراها التاسعة والأربعون قبل أيام، مرحلة فاصلة فى تاريخ العرب المعاصر، ففى لحظة باهرة من لحظات الوعى بالمصالح والأمن القومى المشترك، نجح العرب فى نسيان، خلافات الماضى وتوحد وا، خلف الجيشين المصرى والسورى، لتحرير الأراضى التى احتلتها إسرائيل فى حرب يونيه 1967. 

قدمت الدول العربية كل أشكال الدعم المالى والعسكرى لتعزيز قدرات جبهات القتال، ومدها بعدد من القوات النظامية،شاركت فى المعارك، فضلا عن الدعم السياسى فى هيئة الأمم المتحدة، ولدى الإدارة الأمريكية. 

كان الرئيس السادات قد أعلن فى فبراير 1971 أن مصر لم تعد تقبل بوقف إطلاق النار، واستمرار حالة اللاسلم واللاحرب. وهو ما كان يعنى أن القاهرة تسقط التزامها بمبادرة أغسطس 1970 التى حملت اسم وزير الخارجية الأمريكى «وليام روجز». وكانت تلك المبادرة تقوم على وقف إطلاق النار على جبهات القتال بين مصر وإسرائيل لمدة ثلاثة أشهر، على أن تتم فى أعقابها مفاوضات بين الطرفين لتنفيذ القرار الدولى 242، القاضى بانسحاب إسرائيل من الأراضى التى احتلتها في1967. 

وبرغم أن المبادرة منحت إسرائيل الفرصة لتلتقط أنفاسها، بعد الخسائر البشرية والمالية والعسكرية الجسيمة التى تكبدتها، وأنهكت قواها، فى حرب الاستنزاف، إلا أن الهدف من وراء قبول عبدالناصر، بها قد تحقق، وهو نصب شبكة الصواريخ السوفيتية العملاقة، لحماية العمق المصرى من الهجمات الإسرائيلية. 

وما كاد الرئيس السادات يعلن إنهاء عمل المستشارين السوفيت فى مصر فى يوليو 1972، حتى حدث ما كان يتوقعه. إذ بادر هنرى كيسنجر مستشار الرئيس الأمريكى نيكسون للأمن القومى، بالاتصال بالقاهرة، ليعرض عليها حوارا سريا لبحث التوصل لتسوية سلمية للصراع العربى –الإسرائيلى تحت الرعاية الأمريكية، وبمبادرة من إدارتها. ووفقا لما يرويه « محمد حافظ إسماعيل» مستشار الرئيس للأمن القومى فى الفترة من 1971وحتى 1974، فى كتابه الهام «أمن مصر القومى فى عصر التحديات «، فإن المبادرة الأمريكية، تضمنت ما يبعث على الشك فى نواياها، لأنها لا تهدف إلى تسوية تزيل آثار العدوان، بل إلى تكريس الأمر الواقع.

فالحوار السرى طبقًا لها يبدأ دون شروط مسبقة، باستثناء هدف مرحلى أسمى، يتمثل فى إعادة فتح قناة السويس بترتيبات تشارك فيها إسرائيل، ولا تحرم السفن التى ترفع أعلامها من المرور بها، كخطوة أولى للتفاوض حول تنفيذ القرار242. أما المهم، فهو تأكيد المبادرة أن واشنطن ليست غير مستعدة لممارسة أى ضغط على إسرائيل فقط، بل هى عازمة كذلك على مواصلة تسليحها، لماذا؟ بزعم تمكينها من منع القيام بحرب جديدة فى المنطقة !! 

رفض الرئيس السادات المبادرة الأمريكية. وتمسك علنا بمبدأ التسوية السلمية، وأخذ يعد مع مستشاريه سرا رسم خطة التحرك المصرى للسير فى مسارين متوازين نحو بدء الحرب.الأول جولة المفاوضات التى قادها وفد مصرى برئاسة حافظ إسماعيل بهدف، مواصلة الحوارمع واشنطن والعواصم الأوروبية لتأكيد تمسك مصر بتسوية سياسية تضمن تطبيق القرار 242، والثانى إعداد الجبهة الداخلية لخوض الحرب، طبقًا لخطة تمويه استراتيجى، تم إعدادها وفقًا لدراسات علمية دقيقة، اتسمت بالذكاء والحنكة، وشاركت فيها كافة مؤسسات الدولة، بهدف بعث رسائل طمأنة أن مصر، لا هى مستعدة، ولا قادرة على خوض الحرب.

وكان للقرار غير المسبوق الذى اتخذته الدول الخليجية بقيادة السعودية، بحظر تصدير النفط إلى الولايات المتحدة والدول الداعمة لإسرائيل، أكبر الأثر فى دعم المحاربين فى ساحة االقتال، وشد أزر المفاوضين السياسيين خارجها. 

سطر التضامن العربى فى تلك الحرب، صفحة مجيدة فى تاريخ العرب المعاصر، ليتها تظل ماثلة فى الأذهان، لتذكر من تخونه الذاكرة،أنه لا سبيل لخروج العرب من أزماتهم الراهنة، سوى أن تتوحد إرادتهم حول مصالحهم المشتركة.وليت الاتفاق المبدئى على ذلك أن يكون محلا لاتفاق القادة العرب فى قمة الجزائر، التى باتت على الأبواب.