عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تمتد العلاقات بين مصر القديمة وبلاد الشام إلى سنوات طوال. وعندما نقف على مسافة غير بعيدة من العلاقات التى سادت بين مدن الساحل الشامى ومصر القديمة، والتى كانت فى أغلبها حروب ومعارك وسيطرة الطرف الأقوى على الأضعف، فإننا نعرف أن أموراً كثيرة ربما كانت السبب وراء التلاحم بقوة السلاح بين الطرفين، والتقارب بين الفترة والأخرى فى مجالات الحياة المختلفة؛ وذلك لأهمية مدن الساحل الشامى الاقتصادية والسياسية كموضع متميز دفع بكثير من الدول الكبرى آنذاك لمحاولة الاستحواذ والسيطرة عليها.

اعتقد الكثير من العلماء أن بلاد الشام كانت تُدار من قبل الحكومات المصرية القديمة المتوالية من خلال ما لمسوه من عمق وتطور فى تلك العلاقات. ويؤكد ذلك انتشار أسماء معبودات مصرية بكثرة فى شمال سواحل مدن الشام. وظهر الكثير من الأسماء لسيدات مصريات يحملن اسم إلهة جبيل، الربة «عنات»، التى اعتبرها المصريون صورة من صور الربة المصرية حتحور. ويدلل ذلك على زيادة الصلات الحضارية المتبادلة فى فترات الهدوء والرخاء حتى وصلت إلى المعتقدات الدينية والآلهة التى كانت تُعبد فى الحضارتين. ولا يمكن أن يكون قد تم فرض ذلك الأمر بالقوة، وإنما حدث طواعية، ونتيجة علاقات متطورة جداً بين الحضارتين.

مع بداية عصر الدولة القديمة، اتسعت علاقات مصر مع جيرانها فى الشرق الأدنى القديم. وعلى الرغم من عدم وجود أثر يرجع لملوك عصر الأسرة الثالثة فى ميناء جبيل، فإن استمرار تلك الصلات كان قائماً. ويستدل على ذلك من خلال العثور على عدد من الأوعية الحجرية فى سوريا ترجع إلى عصر تلك الأسرة فى مصر، ومن خلال العثور على تابوت خشب فى هرم الملك زوسر المدرج بسقارة. وهو مصنوع من الخشب المختلط من الخشب المصرى والخشب المستورد من الساحل السورى كخشب الأرز والصنوبر والنخيل. ويؤكد حجر بالرمو مدى اتساع التبادل التجارى المصرى مع سوريا القديمة. وتحدثنا نقوش حجر بالرمو عن إحضار مؤسس الأسرة الرابعة، الملك سنفرو، لأربعين سفينة محملة بأخشاب الأرز من جبيل؛ لاستخدامها فى صناعة السفن والتوابيت الملكية. وقد أطلق على إحدى تلك السفن اسم «المحبوبة من الأرضين». ويعد ذكر تلك الأخشاب فى تلك الفترة المبكرة دليلاً قوياً على عمق العلاقات بين الحضارتين. ويؤكد أيضاً على أن تلك العلاقة تمت عن طريق البحر، وليس عن طريق البر، أى ليس عبر سيناء ثم فلسطين. ويشير ذلك بالتالى إلى الاهتمام الكبير بالبحرية آنذاك. وليس أدل على ذلك من أن الكثير من تلك الأخشاب ما يزال موجوداً، وبحالة جيدة داخل الهرم الجنوبى للملك سنفرو بدهشور. غير أن أهم القطع الأثرية من عصر الدولة القديمة التى وُجدت فى جبيل جاءت من عهد الملك خوفو العظيم. وظهر اسمه على آثار معبد فى جبيل. وُجدت معه أسماء ملوك مصريين آخرين من الذين سبقوه، وممن لحقوا به مثل ابنه الملك خفرع، وحفيده الملك منكاورع. وأيضاً عُثر على اسم قارب ملك خوفو عند منبع نهر أدونيس (نهر إبراهيم حالياً)؛ مما يدل على أن الملك خوفو قام بإرسال البعثات البحرية، مثل التى قام بها أبوه الملك سنفرو. هذه هى مصر القديمة العظيمة التى انتشرت علاقاتها التجارية مع جيرانها فى محيطها الإقليمى الكبير.

مدير متحف الآثار-مكتبة الإسكندرية

Email: [email protected]