رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ليز تروس هى ثالث رئيس وزراء فى المملكة المتحدة خلال ما يزيد قليلاً على ثلاث سنوات، وهى النتيجة المقلقة لتهجين سياسى، متجرد من شعبية، على أرض الواقع. تحتاج رئيسة الوزراء الجديدة التى تحظى بدعم أقل من نصف نوابها إلى حل أزمة بلد يواجه مصيبة.

إنها النموذج الأمثل لبراجماتية وسائل تحقيق الأهداف الموضوعة بقناعة لا هوادة فيها. أن ليز ملتزمة بدولة العجاف، بينما تستعد لرمى عشرات المليارات من الجنيهات الاسترلينية فى مشكلة ارتفاع فواتير الطاقة. تمثل تروس خروجاً فكرياً عن كل من رئيسى الوزراء السابقين لحزب المحافظين.

لقد غادرسلفها، بوريس جونسون، داونينج ستريت بعد خطاب متعجرف وملىء بالكذب، أظهر فيه تطور شخصيته بعد ثلاث سنوات فى المنصب، شخص نرجسى، ضعيف الإنجاز، ويحتقر البريطانيين علانية. لقد انتهى الآن إلى النسيان السياسى المخزى الذى لن يفكر فيه أحد، والذى ترك فيه هذا البلد يعانى من الذعر المتزايد طوال الصيف.

وبعد بضع ساعات، طارت تروس إلى بالمورال لمقابلة الملكة، والغريب أن صاحبة الجلالة طلبت من تروس تشكيل حكومة بنفس الطريقة التى قد تسأل بها أحد المسوقين عبر الهاتف إذا كان بإمكانك الاتصال بهم، مرة أخرى فى غضون خمس دقائق.

أخيراً، لا خيار أمام تروس سوى الاتصال بالواقع. الأمر سيحتاج إلى مهارة سياسية. وربما تضطر تروس إلى استدعاء تدخل من حزب العمال لإنقاذها. إنها ستحتاج فى هذه المهمة إلى قوى خارقة للقيادة؛ فى ظل أن تروس لم يتم اختيارها من قبل زملائها فى البرلمان، ولا من قبل ناخبى حزب المحافظين، الذين فضلوا بشكل مختلف منافستها، ريشى سوناك، أوبقاء جونسون فى المنصب. فى النهاية، بلغ عدد أنصارها 81326 من بين أعضاء حزب المحافظين، وهى مجموعة أغلبيتها من كبار السن، ميسورة الحال وتعيش فى جنوب شرق إنجلترا.

لقد مرت بحملة قيادة ضعيفة مع القليل من الفضل يرجع إلى اسمها بخلاف القدرة على التحمل. لقد كانت باهتة وخفيفة الوزن فى النقاش. بدت سياساتها غير قابلة للتصديق، مترابطة مع الكليشيهات. قد تدمر الأزمة تروس على المدى القصير. فمع أن الحرب الاقتصادية التى شنتها أوروبا على روسيا، لا يمكن أن تستمر إلى الأبد؛ وسوف تتكيف الأسواق وتظهر مصادر بديلة للطاقة. يتم جمع أرباح استغلالية ضخمة فى أعماق قطاع الطاقة، ولكن لا يمكن أن يستمر وعد تروس المتهور بعدم فرض ضرائب غير متوقعة.

الصورة فى أوروبا تؤكد أن البراجماتية واليأس تقود الحكومتين الفرنسية والألمانية إلى الابتكارات الراديكالية. ولقد تأخرت بريطانيا فى الظهور على الساحة، وتركت سياستها فى مجال الطاقة على نحو فاضح ومتعثر لعدة أشهر.

إلى هذا الحد، يمكن لأزمة الطاقة أن تفعل بتروس ما فعله إغلاق كوفيد لجونسون. الأمة البريطانية ستعلق عليها كل كلمة قالتها تروس. نادراً ما يتسبب الكرم قصير الأمد مع المال العام فى إلحاق أى ضرر برئيسة الوزراء، بالطبع ذلك سيوفر لها منصة جاهزة لاستعراض صفاتها القيادية؛ لكن شريطة أن تتابع عادتها السابقة فى تعديل أفكارها مع الريح السائدة. إن مستهلكى الطاقة والمنتجين وتجار التجزئة يصرخون من الألم. الآلاف من الشركات الصغيرة تواجه الإفلاس.

الحقيقة البديهية هى أنها ليس لديها مكان تذهب إليه سوى الصعود. وفكرة أخذ المليارات من الخزانة العامة لمكافأة الأغنياء بـ 1800 جنيه استرلينى والأفقر بـ 7,66 جنيه استرلينى فقط، سيبدو منحرفاً وظلماً إلى حد بعيد.. وهذا النوع من التطرف سوف يصدم معظم الناس فى بلد بالفعل هو الأكثر انعداماً للمساواة فى أوروبا.

يبدو من المرجح أن الخطوة الأولى لرئيسة الوزراء ستكون تمزيق كل شىء قامت بحملته الانتخابية والتحول إلى اقتراح المعارضة بتجميد فواتير الطاقة عند مستويات أبريل 2022.

قد يكون عهدها سيئاً ووحشياً وقصيراً. قد يغريها ارتدادها للاندفاع فى انتخابات مبكرة، حيث لن يكون أى شىء جيداً مرة أخرى، لكنها ستظل تخسر.

ويبدو أنها ستكمل الشىء الوحيد الخاطئ فى الحكومات المحافظة على مدار الـ 12 عاماً الماضية فهى مثلهم لم تكن محافظة بما فيه الكفاية. فهى عادة ذهنية يشترك فيها المحافظون الراديكاليون مع الشيوعيين الثوريين، الذين يمكنهم دائماً تبرير انزلاق الأنظمة الماركسية إلى الطغيان المفلس بزعم أن النظرية لم تطبق بشكل صحيح أوأن عملها الصحيح قد أحبطه غير المؤمنين والدول الأجنبية الخبيثة.