قد يكون هذا مقالى الرياضى الأخير، لأننى أعتقد أشد الاعتقاد فى أهمية التخصص، غير أن ما فعله نادى الزمالك للألعاب الرياضية فى الموسم الرياضى لعام 2021/2022، يستحق الاستثناء وكسر القواعد، فالزمالك كان استثناءً هذا الموسم، كسر جميع القواعد، واجتاز جميع الحواجز والعقبات، وإذا كانت قصص النجاح التى ولدت من رحم المحن كثيرة؛ تبقى حكاية الزمالك دائماً غير ومختلفة فى قلوب عشاقه ومحبيه.
أشد المتفائلين لم يكن يتخيل أن يحصل الزمالك حتى على مراكز متقدمة، فى ظل مشاكل إدارية ومالية، ورياضية، نتج عنها وقف القيد للنادى، زاد من وطأة الأزمة ووقعها إصرار عدد من اللاعبين على القفز مبكراً من السفينة التى ظنوا أنها تغرق.
لكنها المحنة التى تحولت إلى منحة؛ عاد المجلس المنتخب، ومعه عاد الاستقرار، فكانت عودة أمير مرتضى منصور، الذى ضبط الإيقاع الإدارى للفريق، وتعاقد مع الصفقة الأهم التى عوضت كل الصفقات التى حرم منها الزمالك بسبب إيقاف القيد، ممثلة فى البروفيسير مانويل جيسوالدو فيريرا، الذى أعاد اكتشاف الفريق، وسار على نهج مواطنه الروائى البرتغالى الحائز على جائزة نوبل فى الآداب جوزيه ساراماجو، الذى قال فى روايته «العمى» إنه «حتى فى أسوأ المحن قد تجد خيراً كافياً يمكنك من احتمال المحنة!»، فكان الخير الكبير للزمالك فى شبابه: حسام عبدالمجيد، سيد عبدالله نيمار، يوسف أسامة نبيه، وغيرهم. محنة إيقاف القيد ساهمت فى اكتشاف الزمالك لنجوم جدد ساعدوا بشكل كبير فى حصد الدورى للموسم الثانى على التوالى، بل أعاد إدارة النادى لتغيير مخططات الصفقات الجديدة للموسم القادم.
أزمة الزمالك التى تحولت إلى منحة، ومنحت النادى أبرز وأهم بطولة عبر تاريخه، مليئة بالعديد من الدروس وتجارب النجاح، تتعلق بإدارة الأزمة، أهمية الفارق الذى يحدثه الكفاءة والتخصص ممثلاً فى الجهاز الفنى المحترف، وإدراك المسئولية من الجميع، وكما قال رئيس الوزراء البريطانى الأسبق ونستون تشرشل ذات مرة: «لا تدع أى أزمة جيدة تذهب سدى»، وهو ما أكد عليه الملياردير ورجل الأعمال الأمريكى جيف بيزوس أكثر الشخصيات بروزاً وإلهاماً فى عالم ريادة الأعمال بقوله: «ابحث عن النجاح فى خضم المحن».
لذلك؛ دروس محنة الزمالك التى تحولت إلى قصة من قصص النجاح يجب أن نأخذها للنطاق الأوسع على مستوى الوطن الذى يعانى مع العالم من أزمة اقتصادية عالمية خانقة تتطلب تكاتف واصطفاف الجميع، وإدراك الجميع- مواطنين قبل الحكومة- ماهية الأزمة ومسئولياتها، لنحول جميعاً ومعاً المحنة إلى منحة.
خالص التهئنة لمجلس إدارة نادى الزمالك العريق، لاعبيه وأجهزته الفنية والإدارية، جمهوره وعشاقه ومحبيه، على هذا الموسم الاستثنائى للأبيض الملكى المصرى، وحفظ الله مصر من كل المحن.