رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

جاءت المبادرة الكريمة من الرئيس «السيسى»بتوجيه وسائل الإعلام المختلفة، بالاحتفال الأسبوع الماضى، بمئوية «خالد محيى الدين»لتحيى الآمال، بأن ينطوى برنامج عمل «الجمهورية الجديدة» على مهمة تندرج فى سياق قضية إعادة الوعى بوظيفة التاريخ، ومسألة التكوين السياسى للمواطنين، ومنحهم الثقة فى تاريخهم، وحفزهم للسعى للفهم الموضوعى لوقائعه وأدواره، وهى إعادة كتابة التاريخ المصرى المعاصر. وليس سرًا أن ضرورات الصراع السياسى طوال عقود العهد الجمهورى، قد أخضعت بعض مراحل هذا التاريخ وأبطاله ووقائعه، لحملات دعائية تستهدف تهميشه وإنكاره، وتشويهه ومحوه تمامًا من المناهج التعليمية فى مراحل التعليم ما قبل الجامعى. 

أتذكر قبل سنوات، حين بدأ التليفزيون فى إذاعة المسلسل البديع «بوابة الحلوانى-1992»الذى تدور أحداثه أثناء حفر قناة السويس، أن كاتبه «محفوظ عبدالرحمن «ومخرجه» إبراهيم الصحن» قد تعرضا للنقد من قبل بعض الأقلام الصحفية، لأن المسلسل بدا منصفا لعصر الخديو إسماعيل، مما اعتبره هؤلاء دفاعا عن أسرة محمد على. وقد تحول هذا النقد إلى هجوم حاد على السينارست «لميس جابر» حين تم عرض مسلسلها «الملك فاروق» للمخرج حاتم على -2007- بزعم أنه يبشر بعودة الملكية إلى مصر، بإظهاره جوانب مضيئة فى شخصية الملك. ولا تعدو تلك الانتقدات سوى إثارة لمشاعرعاطفية سطحية لا علاقة لها بالتاريخ ووقائعه. 

ووقفت التفسيرات الرسمية المتباينة حول الأدوار التى سبقت ومهدت وشاركت فى حرب أكتوبرالعظيمة، حائلا دون إنجاز فيلم سينمائى ضخم يؤرخ لها، لكى يحرم المصريون من إتمام عمل تاريخى كهذا، يحفظ لهم الذاكرة الوطنية ويحميها بالصوت والصورة والكلمة من التشتت والاندثار. 

وشمل الغضب بعض عناصر من النخبة السياسية ،التى تحب أن تحتكر لنفسها التحدث باسم عبدالناصر، دون أن يفوضها أحد بذلك، حين أطلقت القيادة السياسة عام 2017 اسم اللواء « محمد نجيب»على القاعدة العسكرية الضخمة فى مرسى مطروح ،على اعتبار أن خلاف الرئيس عبدالناصر معه، يعلو على تكريمه. مع أن أحدا من الضباط الأحرار الذين دونوا مذاكراتهم، لم ينكر أن جسارة محمد نجيب بقبوله أن يكون واجهة لثورة 23 يوليو، وإن لم يشارك فى الإعداد لها، شكلت الدعم الرئيسى لنجاحها.

لكن روح العدل والإنصاف التى تتسم بها القيادة السياسية الراهنة، لم تلتفت لمثل تلك التصوارت القصيرة النظر، التى تمعن فى الإقصاء والتجاهل، ولا تعكس ولاء أو محبة لأحد، بل تسيء إلى ذاكرة مصر الوطنية، وتجزئ تاريخها، وفقا لأهواء سياسية، وهى روح وثابة نتمنى أن تمتد لتشمل قادة الحركة الوطنية المصرية من ثورة عرابى مرورا بثورة19وصولا لثورة يوليو.

فى عام 1976 شكل الرئيس السادات «لجنة إعادة كتابة تاريخ مصر» وأوكل رئاستها لنائبه آنذاك «حسنى مبارك» وعقدت اللجنة جولات متعددة للسماع للشهود وجمع الوثائق والمستندات والمراسلات الرسمية، لكن تسارع التطورات السياسية الداخلية أوقف عملها، ولم تتجدد المحاولة مرة أخرى. 

 تباعد الأشخاص الآن، وغابت وجوه، وجرت فى النهر مياه كثيرة، وبات تشكيل لجنة وطنية مستقلة من خبراء ودارسين وباحثين مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والمهنية الرفيعة المستوى مهمة ضرورية، ونحن فى الطريق لبناء الجمهورية الجديدة.على أن تتوفر أمام تلك اللجنة كافة المعلومات والوثائق، والجهود السابقة على عملها، لجمع وتوثيق وتدقيق أحداث مصر التاريخية المعاصرة. على أن يستند عملها إلى منهج علمى عقلانى يبتعد عن الانحيازات السياسية والفكرية، التى قد تغرى بالتحامل أو التملق، لوقف العبث بأحداث التاريخ وتلويث الرموز الوطنية، تحت وطأة التقلبات السياسية، لأن التاريخ يبدأ ،كما يقول المؤرخون، بعد انتهاء السياسة !

 ولعل تلك الفكرة أن تجد مكانا لها، فى المحاور التى يجرى الإعداد للنقاش حولها فى مؤتمر الحوار الوطنى.