رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا شك أن الدين فى حياة كثير من الناس بمثابة فنار السفن الذى يهتدون به إلى الطريق ويتجنبون مخاطر وويلات الإبحار، فإذا كنا جميعاً نبحر فى هذه الحياة، فلا جدال أن الجميع يحب أن يصل إلى بر الأمان والسلامة، وإذا كان هذا شأن الدين فى مجمله، فإن الله خالق الكون والحياة جعل لنا هذا الإطار المضيء رحمة بنا ورفقاً بأحوالنا، فجميعنا مخلوقات من صنعه البديع الذى خلق الإنسان فى أحسن تقويم، وهو القائل فى كتابه الكريم الذى نزل بلسان عربى مبين، (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً).. ولما كان القرآن الكريم نبراساً ممتداً ضوؤه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فإن أول فتيل فى شعلة هذا الضوء جاء مع الوحى بأمر القراءة (اقرأ باسم ربك الذى خلق)، فباسم الله نقرأ وباسم الله نتفكر وباسم الله نتدبر وباسم الله نهتدي.

ولقد كان من مقاصد الدين إضفاء المعنى على الحياة، والرحمة التى هى منبع إلهى من الرحمن الرحيم ومقصد ذو شأن عظيم فى هذه الحياة، تتحقق حين نصل إلى بر الوعى بكيفية أن نكون رحماء بأنفسنا، مدركين قيمة ما سخره الله لنا من ألباب وحواس وقلوب تهون علينا كثيراً من الطريق باتجاه المعرفة، ومن ثم التفكر، فالتدبر كقيمة سامية تعيد إلى الحياة معناها وقيمتها، وتفسد هوى النفس فى الصراع الواهى على الدنيا، وتدبر القرآن الذى هو بمثابة المنهاج يجعل المرء دائماً مواكباً لمجريات الحياة وتقلبها صامداً أمامها، إذ بلغ يقين بعد تفكر وتدبر بأن الله العلى الكبير محيط به وكافٍ له من الأذى، فالله حين حث عباده والأمم على التفكير والتدبر أوجد تلك المساحة الهائلة من المعارف وتعدد مشارب المعرفة ليكون فى مسعى الإنسان نحو صقل ذاته بالمعرفة جهداً يُثاب عليه أولاً بالوصول إلى الحق وأولاً وثانياً وثالثاً بأن يؤجر على سعيه فى الدنيا والآخرة، فأوجد لنا سبحانه الحواس لتتفاعل مع الموجودات، ووهبنا الألباب لنتفكر فنتدبر فنهتدى، يقول تعالى (إن فى خلق السماوات والأرض لآيات لأولى الأباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار)، ومن هنا فإن مقاصد التدبر ومشاهده تضفى كثيراً من القيم وتبرز آثاره وثمراته فى تربية القلب وبناء العقل وتهذيب النفس، وصناعة الشخصية الإيجابية المتوازنة التى تتبصر فى أسرار الكون، وتفكر فى النعم وأنواع الإمداد الإلهى التى تعيشها، فيلهج اللسان بذكر الله وحمده وتسبيحه، ويسترجع ما فاته من مواقف التعظيم والتقديس والتدبر القرآني.

والتدبر طاقة دافعة إلى الفهم والمعرفة والاستنباط، والاستفادة من السابقين واللاحقين والتطبيق والإضافة، لذا جاء الخطاب القرآنى داعياً الناس جميعاً إلى التفكر والتبصر والاعتبار، ناهياً عن التقليد وموت الحس والقلب والضمير يقول تعالى (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِى هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)، فلا شك فى أن الفهم والتدبر والاستنباط من أكمل الأعمال، وأعظم القربات وأوجب الواجبات، إذ إنه يقود العقل إلى التروى والاعتبار والعمل بموجبات العلم ووصايا الدين، ويقول ابن القيم: «ليس شيء أنفع للعبد فى معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن، وإطالة التأمل فيه، وجمع الفكر فى معانى آياته»، علينا إذا بالتدبر لأنه مفتاح القرآن والطريق لمعرفة كنوزه وفضائله، والفوز بثمراته فى حياة الفرد والأسرة والمجتمع.