عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يواصل الكاتب الكبير محمد سلماوى فى الجزء الثانى من مذكراته البازغة، والصادر عن دار الكرمة الرائعة، والذى جاء كالجزء السابق تحت عنوان لافت وهو «العصف والريحان»، كتابة سيرته الذاتية وسيرة الوطن، فى كتابة إنسانية بديعة تمزج بين الكثير من الأشياء فى نغم صوتى وحس تصويرى وجرس موسيقى لا يتأتى إلا إلى الأفذاذ من الكتَّاب وحملة الأقلام ومن البشر ذوى الرسالات السامية. وجاء اسم الكتاب، مثلما جاء جزؤه السابق، متأثرًا فيه بالآية الكريمة رقم 12 من سورة الرحمن «وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ».

يتناول تاريخه الشخصى وتاريخ الوطن منذ 1981 إلى 2015. لقد شهد تحول الوطن وتطوراته منذ اغتيال الرئيس المؤمن محمد أنور السادات، مرورًا بتولى الرئيس محمد حسنى مبارك الذى حاول تلطيف الأجواء وتسكين الأوضاع حتى قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 ضده، وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير محمد حسين طنطاوى حكم مصر فى فترة من أكثر فتراتنا اضطرابًا، ثم وثوب الإخوان على السلطة لمدة عام حزين من عمر الوطن، شهد الإخفاق التام فى كل الملفات وعلى كل المستويات، ثم كان سقوط الإخوان المزرى، وتولى الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور الحكم، ثم كتابة دستور 2014، والذى شارك فى كتابته الأستاذ سلماوى، وكان المتحدث الرسمى باسم لجنة الدستور التى كُلفت بوضعه. ونشكر الاستاذ سلماوى على تخصيص باب فيه للحديث عن قوة مصر الثقافية الناعمة، والحفاظ على الهوية الثقافية لنا، والإقرار بأن الثقافة حق أصيل لكل المواطنين، والحفاظ على الآثار وحمايتها وترميمها ورعايتها واسترداد المسروق منها وتنظيم الحفائر الأثرية، وحظر إهداء الآثار أو مبادلتها، والنص صراحة على عدم الاعتداء على الآثار أو الاتجار فيها، وتجريم ذلك، واعتباره جريمة لا تسقط بالتقادم. وأكد أن تراث مصر بكل عصورها ثروة قومية وإنسانية، وأن الدولة ملتزمة بالحفاظ على ذلك التراث وصيانته. ونص الدستور على تجريم الاعتداء على رصيدنا الثقافى الحديث، سواء أكان معماريًا أو أدبيًا أو فنيًا، والحفاظ على مدنية الدولة ومكونات مصر التعددية الثقافية، وبذلك عالج الدستورنا عوار دستور حكم الجماعة المعيب. وتعد تلك هى المرة الأولى التى يتم فيها تخصيص باب للحديث عن ثقافة مصر.

وحكى لنا الأستاذ سلماوى تجربته فى إدارة العمل الثقافى حين صار وكيلاً للوزارة الثقافة بتوليه ملف العلاقات الثقافية الخارجية فى بداية عهد وزير الثقافة المصرى الشاب المجدِّد الفنان فاروق حسنى. وترك الثقافة، وعاد إلى بيته جريدة الأهرام، بعد أن أضاف الكثير للعمل الثقافى. وأخذ يتحفنا بأعماله الإبداعية الجميلة من مسرح ورواية وقصة وشعر وأعمدة ومقالات وحوارات صحافية على أعلى مستوى. وقص علينا قصة فوز عمنا الأكبر الأستاذ نجيب محفوظ بجائزة نوبل فى الآداب عام 1988، واختيار عم نجيب له، كى يقول كلمته نيابة عنه فى الاحتفال بتسليم الجائزة. وعرفنا بكواليس أعماله والاختلاف المستمر مع الرقابة للموافقة على عرض أعماله المسرحية. وتعد شهادة الاستاذ سلماوى عن المواجهات الكثيرة فى جلسات لجنة كتابة الدستور مهمة للغاية للتأريخ لتلك الفترة الزمنية القلقة من عمر الوطن. ولعب الاستاذ سلماوى أدواراً عظيمة وعديدة فى نقابة الصحفيين واتحاد الكتاب المصرى، والعربى، والأفروآسيوى واللاتينى، مدافعًا عن الحقوق والحريات، ومجددًا للمقار، ومزودًا للميزانيات، ومعظمًا لأدوار المؤسسات التى شرفت برئاسته لها بشكل ديمقراطى وعالمى. ولا يمكن أن ننسى دوره الكبير فى الدفاع عن القضية الفلسطينية. وحصل كاتبنا الكبير على العديد من التكريمات والجوائز والأوسمة فى مصر وخارجها. ويحفل الكتاب بعدد كبير من الصور والوثائق من أرشيف الكاتب الشخصى ومن بعض المصادر الأخرى التى تثرى الكتاب، وتضيف إليه الكثير.

وفى النهاية، فإننى أدعو الجميع إلى قراءة هذا الكتاب الفذ، وسابقه، والإفادة من كل سطر به، بل من كل كلمة به كتبها كاتبنا الكبير النابه الأستاذ محمد سلماوى بمداد قلبه وبنور عينيه وببصيرة قلبه وبعشقه لهذا الوطن العظيم ولأهله وناسه الطبيين ولتاريخه وآثاره وثقافته وحضارته العريقة. فالاستاذ محمد سلماوى فى كل ما كتب ويكتب خير خلف لخير سلف ممثلاً لأجداده كتاب وحكماء مصر العظماء منذ أيام إيمحتب وبتاح حتب مرورًا بطه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ، ووصولاً إلى الاستاذ سلماوى نفسه. وفى انتظار الجزء الثالث من سيرة أستاذنا العظيم الكاتب الكبير الأستاذ محمد سلماوى منذ عام 2016 إلى الآن.

 

مدير متحف الآثار- مكتبة الإسكندرية

‏Email: [email protected]