رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الدنيا

للكاتب الكبير الأستاذ محمد العزبى فى ذمتى حق واعتذار أنا مدين به، أقدمه أمامك أيها القارئ الكريم، إذ إنه كثيرًا ما شملنى بتقديره واهتمامه، وسبق أن أهدانى قبل عامين كتابه القيم: «صحفيون غلابة.. الكتابة بنظر 6/60»، وقد شغلتنى دوامة الدراسات العليا عن الكتابة عنه، غير أنى استعنت به ضمن مراجع رسالتى للماجستير التى أنجزتها عن «حوكمة الإدارة فى المؤسسات الصحفية». ثم أكرمنى الأستاذ العزبى بكتابه الجديد «هل يدخل الصحفيون الجنة؟» وقد تأخرت هذه المرة ولكن لسبب آخر، وهو الحيرة التى سيطرت على: من أين أبدأ؟ فالكتاب يتميز بالثراء المعرفى، وقد اختار له أستاذنا الكبير عنوانًا مثيرًا، ثم أضاف له عنوانًا فرعيًا بالداخل: «يا خوفى من بكره».

والكتاب يتحدث عن إشكالية العلاقة بين الصحافة والسلطة، والصحافة والمجتمع عمومًا، ويضع فيه الأستاذ العزبى خلاصة خبراته فى مواقف كان طرفًا مشاركًا فى بعضها، وهو أقرب لشهادة على العصر مُرصعة بأسماء كثيرة لسياسيين وصحفيين وفنانين وأدباء وأعضاء بالبرلمان.

من الصفحة الأولى للكتاب يتضح أن الصحافة هى «كلمة السر» والشاغل المسيطر على فكر الأستاذ العزبى، حيث يبدأ منها وينتهى بها حديثه وتشخيصه لأمراض الوطن.

يلخص الأستاذ محمد العزبى أزمة الصحافة بقوله: إنها ليست أزمة اقتصادية فقط، بل هى فى الأساس أزمة محتوى وافتقار إلى الحرية.. إنها أزمة الثقة والمصداقية التى هى أساس اعتمادها لدى القارئ.

وبأسلوبه الساخر يضيف الأستاذ العزبى: حاولت طوال سنوات عمرى أن أكون منحازًا للبسطاء لعلى أدخل الجنة، ولكن هل يدخل الصحفيون الجنة أم أن الصحف والتوك شو وما أشبهها لا تصدر إلا فى نار جهنم وبئس المصير؟

ويشير إلى واحدة من أخطر اشكاليات إنتاج الصحيفة، حيث يذكر أن عددًا من المسئولين بإحدى الصحف انزعجوا بعد أن تابعوا أرقام التوزيع وانخفاضها إلى حد غير مسبوق. تقدم كل واحد باقتراحاته من التحرير إلى التوزيع والإعلان، بينما كان رئيس مجلس الإدارة يستمع صامتًا ليحسم الأمر بهدوء: «أنا كل ما أبيع عدد واحد زيادة أخسر أكثر من خمسة جنيه». وانتهى الاجتماع.

يقول العزبى: لم يخترع فزورة إحالة الصحفيين إلى المعاش عند الستين إلا الرئيس السادات، لعله يتخلص من أراذلهم. كان المقصود بالذات مصطفى أمين وجلال الدين الحمامصى، فإذا بهما أكثر شبابًا وهجومًا.. أما الذين تحمسوا للقرار مثل موسى صبرى وأنيس منصور فسرعان ما لحق بهما سن المعاش!

ويضيف فى موضع آخر: يُحال الصحفى إلى المعاش فى سن الستين فيُهان، يتمنى أن يبقى حيًا فيسعى لمد خدمته ولاستمرار حصوله على بدل التكنولوجيا المقرر للعاملين وقدره 2520 جنيهًا، والمحرم على المعاشات باعتبار أنهم خلاص لا تحق لهم القراءة والثقافة وتحرم عليهم التكنولوجيا، ويبقى المعاش الذى وصل إلى 2100 جنيه، هذا وتدفع الصحيفة «القومية» أحياناً لمن تمد خدمته مكافأة نحو ألف جنيه شهريًا، بلغ تدنيها إلى 400 جنيه فقط لا غير! وهذه هى قيمة الصحفى المحترم فى آخر العمر!

وبعد رحلة طويلة يعرب الكاتب الكبير عن مخاوفه من النسيان، ويشير إلى ما أصاب الفنان العالمى عمر الشريف فى أيامه الأخير من «الزهايمر»، وعندما أخبره زاهى حواس بوفاة فاتن حمامة لم يتذكرها، وسأله: فاتن مين؟ فقال له والدة طارق، أجابه: طارق أخويا؟

ويختتم بقوله: أحزن على كل من أصابه داء النسيان ولو أنه لا يحزن على نفسه.. وأحزن بعد قراءة الصحف. والمؤكد بعد كل ما قاله الأستاذ العزبى أن طريق الصحفيين إلى الجنة محفوف بكثير من الشكوك والمخاطر.. إلا من رحم ربى.

 

[email protected]