رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

 

وأنت تتابع الدكتور سعد الدين الهلالى مع الإعلامى عمرو أديب، تجد نفسك فى حالة من الصمت وفقدان النطق، يتخللها صوت أنفاسك مذهولًا ومتسائلًا: لماذا لا يستضيف الإعلامى الأشهر والأغلى، الرأى الآخر من مؤسسة الأزهر أو دار الإفتاء المصرية لوأد الفتنة وإنهاء حالة الجدل والبلبلة قبل حدوثها، واتباع نهج الرأى والرأى الآخر، كما ينادى الدكتور سعد الدين الهلالى نفسه، منعًا لأوصياء الدين أن «يضحكوا» علينا برأى وحيد منفرد، وشاذ أحياناً.

 ولكن الشكر واجب لهما– الإعلامى والفقيه– لإتاحة الفرصة للحديث عن «التصريحات السعدية» نسبة إلى الاسم الأول لصاحبها، بعيدًا عن الحلال والحرام، وبعيدًا عن الحرج الذى أصاب د. أحمد كريمة الذى قال فى أحد تصريحاته: «إنه فى حرج بالغ للحديث عن الدكتور الهلالى»، حيث أسهم الأول فى ترقية الثانى إلى منصب أستاذ أكاديمى، ويختلف معه فى كثير من القضايا الفقهية.

ــ أبدأ معكم من حيث انتهى د.سعد منذ أيام، بعد أن أثار الجدل بتصريحات شكك فيها بفرضية الحجاب، ما دفع الأزهر ودار الإفتاء للرد، وانتقاد هذا النهج الذى اتبعه الهلالى، استنادًا إلى «الحرية فى فهم النص الدينى».

ــ فى أغسطس 2018 نشر موقع صوت الأمة، تحت عنوان «مناظرة ساخنة بين سعد الهلالى وعلى جمعة: الحجاب فرض أم اختيار؟»، ما ذكره د. الهلالي وقتها حرفياً وهو ما قاله منذ أيام، ولم يختلف عنه قيد أنملة، وكانت المناظرة بعد تخلى الفنانة حلا شيحة عن الحجاب وعودتها للفن، وعلى الرغم من قيام الدكتور على جمعة بالرد على كل ما سرده د. الهلالى جملة وتفصيلاً، فإن الدكتور سعد أعاد ما قاله منذ أربع سنوات دون أن يفكر فيما فنده د. على جمعة وقت ذاك، وأوضح جمعة أن هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية، يتفقون على فرضية الحجاب، ووصف كلام الهلالى وقتها بـ«الشذوذ».

ــ نشرت «المصرى اليوم» تصريحًا للرجل يقول فيه إن الإسلام هو القرآن، وإنه «لا وجود لما يسمى الشريعة الإسلامية»!!، هذا العنوان أصابنى بالدهشة والصدمة، لذلك وضعت علامات التعجب السابقة فى نهاية التصريح، وتذكرت قوله تعالى فى كتابه الكريم «لكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا»، وحسب فهمى للنص، كما يدعو الدكتور الهلالى، أنه يوجد ما يسمى بالشريعة الإسلامية.. أليس كذلك؟!، ولكنى لست أهلًا للاستنباط والقياس والاستدلال، أو ملماً بغير ذلك من العلوم الشرعية فى الفهم والقصد، فرجعت إلى الدكتور الهلالى ذاته، فى مقدمة كتابه «الثلاثونات فى القضايا الفقهية» بين الشريعة والقانون الصادر فى 2010، ووجدته قد ذكر الشريعة الإسلامية مرات عديدة فى مقدمة الكتاب، ومنها ما نصه «... وإما طلبًا لحكم الشريعة الإسلامية فيها ممن يتحرى اتباعها، أو ممن يلتزم نهجها، ولا يخرج عن حدودها إيمانًا بكمالها، وتصديقًا بمعية اتباعها لصاحبها وهو الله عز وجل الذى يحفظ من حفظ شريعته، ويرعى من التزم حدوده، ويتضح كمال الشريعة الإسلامية فى فتح الآفاق للمجتهدين؛ انطلاقًا من مرجعيتها المعجزة بعطائها المتجدد، وبهذا تجمع الشريعة الإسلامية بين كمال الأوجه المحيطة بالموضوع.. وكان اختيارى للجوانب الطبية والمالية والاجتماعية فى هذه الدراسة بقصد التنوع فى المجالات المختلفة التى تشملها مظلة الشريعة الإسلامية بالبيان...» إلى آخر ما كتب سيادته، إذن ما جدوى هذا التصريح الذى يُحدِث حالة من البلبلة والتشكيك لعدد غير قليل ممن يقرأون هذه التصريحات، دون بحث أو تدقيق.. لا أدرى!!

ــ أثناء رحلتى فى «التصريحات السعدية» أصابنى خبر منشور فى CNN عام 2014 بعنوان «الأزهر يتبرَّأ من تصريح الهلالى حول الشهادتين»، بعد تصريحه بأن شهادة «لا إله إلا الله» تكفى للإسلام دون الشهادة بنبوة محمد، واعتبر الأزهر أن هذا الزعم يُنبِئ عن «فكرٍ منحرفٍ فيه مخالفةٌ جريئةٌ للنصوص الصريحة من الكتاب والسُّنَّة ».. وبعدها أصدر الدكتور الهلالى بيانًا، قال فيه إن الشهادتين أول الأركان الخمسة للإسلام، وأن المتربصين حرفوا كلامه... أهذا هو التجديد والتيسير والتنوير يا دكتور سعد!!

ــ تتجول بين «التصريحات السعدية» لتجد حالة من الجدل الواسع، وتجد أيضًا أن الطريقة التى يتبناها الدكتور سعد، والتى تقول إن كل شخص مسئول عن نفسه من منطلق الحرية فى فهم النص الدينى، وأن الأزهر يقدم معلومات فقط، إنها خطر، وخطر كبير فى رأيى، لأن ترك البعض يرى ما يراه ويفهم ما يفهمه دون علم، وهو ليس أهلًا لذلك، خطر عليه وعلى المجتمع ككل، ويمكن أن يقع الشباب فريسة لأفكار متطرفة، تحت ذريعة مبدأ الحرية فى فهم النص الدينى، أو تبنى رأى شاذ متطرف لم يجمع عليه العلماء نتيجة لفهم شخصى مغلوط، وتفسير آيات من القرآن الكريم بعيدًا عن سياقها، ودون الرجوع لأهل العلم والاختصاص، أليس هذا خطرًا يا دكتور سعد؟!

ــ أليس تهميش آراء العلماء، والمؤسسات الدينية الموجودة والقائمة بالفعل، ولها منهج علمى فى أصول القياس والاستنباط، وعلوم اللغة والحديث والفقه لإصدار الفتاوى، والتشكيك والتفكيك فى هذه المؤسسات خطراً؟

ــ لدينا تراث إسلامى فقهى يمتد لقرون طويلة، فليس كل من قرأ كتاباً فيه أصبح فقيهاً، وليس كل من قرأ كتاباً عن الأحكام الشرعية أصبح أهلاً للفتوى، وليس كل من تبنى نصاً شاذاً صار مُجدِّداً ومن أهل التنوير.. أليس كذلك يا دكتور سعد؟!

[email protected]