رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

 

أول رد فعل تلقائى وطبيعى ينتابك، عندما تقرأ خبر اكتشاف مقبرة كبيرة من الهياكل العظمية لما يقرب من ثلاثة آلاف حمار ملقاة بين حدود محافظتى الفيوم والجيزة، أن تضع يدك على «بطنك»، ويبدأ عقلك فى عملية حسابية معقدة للإجابة عن السؤال: يا ترى كم كان نصيبى من هذا اللحم المفروم أو المشوى أو حتى المسلوق؟!.

وتهدأ قليلًا عندما تعلم أن عملية «السلخ» السابقة، قد حدثت منذ سنوات، وأنها لم تذبح لغرض الاتجار فى لحم هذه الحمير المغلوبة على أمرها، بل قامت عصابة مجهولة بهذه الفعلة الشنعاء بحثًا عن المكاسب السريعة، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الحمير، بالاتجار فى جلودها، والتى تتهافت عليها شركات الأدوية فى عدد من الدول، وفوائد الحمير كثيرة لا مكان هنا لسردها.

وفى الوقت الذى أتابع فيه خبر اكتشاف مقبرة الحمير فى الفيوم، وردود أفعال هذا الخبر، تابعت أيضاً ردود الأفعال، الذى أحدثها حفل زفاف موظف عام، وبدلًا من أن يتلقى الرجل التهانى و«التبريكات» بمناسبة حفل زفافه، قام عدد من مقيمى غرف الأسئلة المركزة، والعمليات الحسابية المعقدة، بعمل كشف حساب لتكلفة هذا الحفل، الذى حضره صفوة المجتمع، وجلس الباقى على مقاعد المشاهدة والمتابعة «المركزة»، وضرب بعضهم أخماسًا فى أسداس، وتساءل: كم يتقاضى موظف عام، وكم راتبه، لإقامة مثل هذا الحفل الفخيم؟!.

سؤال بديهى لا يلام عليه السائل، بل تُلام عليه ندرة المعلومات والبراهين، التى تشير إلى كيفية وصول موظف عام- ولو ظاهرياً- إلى صفوف الأثرياء، فى ظل إعصار تضخم اقتصادى يضرب العالم خاصة الولايات الأمريكية المتحدة.

قد يتساءل البعض: هل الرجل لديه أسهم فى شركات أدوية مثلًا؟، وقد يتكهن البعض الآخر أن الرجل يمتلك حصصاً فى عدد من المستشفيات الخاصة مثلاً، وقد يفكر آخرون أن الرجل من أسرة ثرية، أو أن الرجل ليس هو من أنفق وتكفل بمصاريف هذا الحفل من الأساس، «كلها أخماس فى أسداس».. لا أحد يعلم، ولا يعلم الغيب إلا الله، الخلاصة أن حفل الزفاف هذا، أثار حفيظة عدد ممن تابعوه، وكان الله فى عون هذا الموظف العام من الشائعات والتكهنات والظنون.. فلندع الخلق للخالق ونستكمل موضوع الحمير.

لم يكن اكتشاف حمير مذبوحة بالأمر الجديد أو المستغرب على سمعنا، ولم يكن مفاجأة أو سابقة تحدث للمرة الأولى، فقد تم العثور من قبل على بقايا حمير مذبوحة فى عدد من المحافظات المختلفة، وتم غلق عدد من المطاعم بسبب العثورعلى لحوم مفرومة مخلوطة «لحوم حمير»، ولكن ردود الأفعال العالية، جاءت لتتناسب طرديًا مع عدد الحمير المسلوخة هذه المرة.

ومن القصص الطريفة المتعلقة بالحمار- وهى كثيرة-، أن الفنان زكى طليمات قد أنشأ «جمعية الحمير المصرية» عام 1930، كرد فعل على تعنت سلطات الاحتلال والضغوط التى مارسها الاحتلال لغلق معهد الفنون المسرحية وقتذاك.

فرأى طليمات أن يؤسس هذه «الجمعية» لما يتميز به الحمار من صبر وطول بال وقوة على التحمل، وانضم لها أدباء وفنانون من أبرزهم طه حسين وعباس العقاد، وعند انضمام العضو للجمعية يلقب «بالحرحور أى الجحش الصغير»، ثم يحصل على رتبة أعلى حسب مجهوده.

وبفضل جهود أعضاء هذه الجمعية أُعيد فتح المعهد، وقد واجهت الجمعية منذ تأسيسها مشكلة عدم اعتراف الحكومة بها، بسبب اسمها الذى اعتبرته غير لائق ولا يوافق التقاليد، وأصاب الإحباط أعضاء الجمعية وفقدوا أهم صفات الحمير وهى الصبر والتحمل؛ فقرروا تغيير اسم الجمعية ليتسنى إشهارها.

ويظن البعض أن الغباء من صفات الحمير، وهو اعتقاد خاطئ تمامًا ويتنافى مع ذكاء الحمير، التى يقدر عددها بأكثر من ٤٥ مليون حمار تقريبًا فى العالم، ويتم الاحتفال باليوم العالمى للحمير فى 8 مايو.

وطالما أن جلود الحمير غالية الثمن وعليها هذا الطلب، فلماذا لا يتم الاستثمار فى هذا المجال بشكل مشروع وتحت أعين الدولة ورقابتها، قبل أن يختفى نهيق الحمير للأبد، بسبب عمليات غير مشروعة من الذبح والسلخ، فقد حذر الاتحاد العالمى للأطباء البيطريين من إمكانية انقراض الحمير فى قارة إفريقيا بسبب إقبال البعض لذبحها طمعًا فى أسعار جلودها وصناعة مستحضرات التجميل وبعض الأدوية كم أشرنا سابقاً.

فى النهاية كل جريمة لها شواهد تدل على وقوعها، وإن غاب الجانى أو استطاع الفرار مؤقتًا من العدالة، فكما كانت الهياكل العظمية للحمير، دليلًا على أن هناك جريمة قد حدثت، فوجود حالات من الثراء غير المبرر للبعض، يدل على جريمة ما أو مخالفة ما قد حدثت، وفى انتظار الكشف عنها يومًا ما.

[email protected]