رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

عصف ذهنى

 

 

 

عند استشهادها -قبل أسبوعين- كان مشهد الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة الخبر الأبرز فى وسائل الإعلام عالميًا وعربيا، فهى لم تكن صحفية عادية وحسب وإنما ارتبط اسمها دائما بكشف الحقيقة عملا بشعارها التى كانت تردده دائما (إن كنت لا أستطيع تغيير الواقع فيجب أن أكون صوتا للحقيقة).

هكذا عاشت شيرين (1971ـ2022) أيقونة الصحافة الميدانية فى فلسطين المحتلة وخارجها نموذجا للصحفية المهنية التى كشفت ممارسات المحتل الغاشمة فى المخيمات وغزة والقطاع وفضحت جرائمه البشعة فى حى الشيح جراح واشتباكات المسجد الأقصى، فكان لابد من إسكات هذا الصوت برصاصات غادرة فكانت نهايتها فى جنين مسقط رأسها.

أما الجريمة الأبشع فجاءت على أيدى جنود الاحتلال خلال مشهد وداعها الأخير من المستشفى إلى مدفنها ببنى صهيون، حين تفاجأوا بهدير أصوات المشيعين يهتفون باسمها حاملين جسدها ملفوفا بعلم فلسطين، فجن جنونهم وتملكهم الخوف فاعتدوا على حاملى الجثمان بالهراوات وقنابل الغاز لوقف هذا الرعب، محاولين إسقاط جسدها على الأرض لكنه رفض ليكشف اعتداءهم الثانى عليه كعلامة فاضحة لهمجيتهم ووحشيتهم.

وإذا كان هذا المشهد يمثل إدانة صارخة لإسرائيل التى اغتالت صوت الحقيقة، فإنه فى حينه حرك الضمير العالمى، وجعل إدانات الغرب تتوالى فهذا وزير خارجية أمريكا الذى اتصل بشقيقها «تونى» معزيا ومؤكدا لأسرتها أنه يدعم إجراء تحقيق عاجل فى اغتيال شيرين، وذاك مجلس النواب الأمريكى الذى رأى العديد من أعضائه ضرورة إجراء التحقيقات فى أسرع وقت حتى لا يتم إزهاق الأرواح من جانب إسرائيل بهذا الشكل.

أما مجلس الشيوخ الفرنسى فقد طالب بتحقيق دولى مستقل بعد الاعتداء على الجنازة بطريقة همجية، وجاءت الإدانة أيضاً من البرلمان الأيرلندى على لسان أحد نوابه (أنا لم أصدق عينى عندما رأيت بشاعة الاعتداء على الجثمان والمشيعين، مما يؤكد للجميع أن إسرائيل دولة إرهابية وتعامل الفلسطينيين كبقايا بشر)!

تزامنت تلك الإدانات العالمية مع الاحتجاجات الشعبية فى أكثر من 20 مدينة عالمية نددت بجرائم إسرائيل فى حق الشعب الفلسطينى، مما دفع مجلس الأمن إلى الدعوة لتحقيق فورى ونزيه بشأن استشهاد شيرين.

واليوم وبعد مضى خمسة عشر يوما على استشهادها ما زالت إسرائيل تراوغ لقلب الحقيقة لإبعاد تهمة الاغتيال والترويج لإصابتها بالخطأ خلال المناوشات العسكرية فى جنين، لكن محمد أشتية، رئيس الوزراء الفلسطينى، كشف هذه الأكاذيب مبكرا برفضه التحقيق المشترك مع قوات الاحتلال، مؤكدا احتفاظه بأدلة الجريمة من الرصاصة القاتلة وشهود العيان وأن لجنة التحقيق الفلسطينية سوف تكشف فى أقرب وقت عن القاتل الحقيقى، وسؤالنا: متى؟

(رحم الله شيرين أبوعاقلة التى اغتالوها حية ففضحتهم وهى ميتة).