رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كما ذكرنا فى المقال السابق، فإن الإعلام كان ومازال من أهم وسائل تكوين الهوية الثقافية اللغوية.. وحالياً تشهد اللغة الإعلامية بعض التراجع فى شحذ اللغة الرصينة، وحتى فى (فصحى العصر) مبتعدة عن القواعد الصحيحة لتستبدل بها اللهجة المحلية أو (اللغة البيضاء: وهو أيضاً مصطلح مستحدث، يطلق على لغة تمزج مفردات اللغة الأم ببعض المصطلحات المحلية)، فأصبح ما نسمع ليس باللغة القوية الأصيلة، التى جبلنا عليها، بل لغة هجينة.

ذلك التراجع حدث نتيجة لتطور وسائل الاعلام بمجالاته المختلفة، خاصة الاعلام المرئى، إضافة إلى ما ساقته لنا العولمة من انفتاح على اللغات الأخرى وهيمنتها على عربيتنا.. فظهرت شبكات الاتصال والتواصل الاجتماعى التى نشرتها الشبكة العنكبوتية، وجذبت فئات المجتمع قاطبة وبرز الحفاظ على اللغة والهوية أدعى من ذى قبل. إننا بصدد معركة حقيقية، تبدو فى ظاهرها دفاعاً عن اللغة العربية، ولكنها فى عمقها وجوهرها دفاعاً عن الهوية والانتماء، وتظل نخب الأكاديميين والإعلاميين المثقفين العرب هم الطليعة فى هذه المعركة.

إذن، فالنهوض باللغة والحفاظ عليها ليست مهمة المجامع اللغوية فقط، بل هو قبل كل شىء مهمة الجامعات، الكتاب، العلماء، الباحثين ورجال الاعلام.

ويتعين علينا اذن تحديد التحديات ومواجهتها.. فاحترامنا للهجاتنا العامية لا يجب ان يكون على حساب لغتنا الفصحى ولكى يستقيم حال اللغة العربية فى وسائل إعلامنا، لا يزال بأيدينا الكثير الذى يمكن أن نفعله دفاعاً عن الفصحى العصرية، فما أسهل أن تعالج الأخطاء النحوية فى المواد الإعلامية التى تنشر أو تبث، عن طريق التدقيق والمراجعة اللغوية من المتخصصين. وما أسهل أن تتخذ الصحف موقفاً حازماً من نشر الإعلانات بالعامية أو بالمفردات الأعجمية.

فى الوقت ذاته، فإن تمسك وسائل الإعلام باحترام الفصحى، وإلزام العاملين فيها بأن يكون استخدامهم للعامية على سبيل الاستثناء، يجب أن يكون ميثاقاً حاكماً.

وأخيراً ولكنه الأهم، استخدام طرق التدريس الحديثة المبتكرة فى تعليم قواعد العربية للإعلاميين، وجعل المستوى اللغوى معيار تدقيق أساسياً فى اختيار العاملين فى هذا المجال الحيوى.

إن تمسك الإعلاميين والأكاديميين بموقع الريادة والتوجيه فى قيادة المجتمع نحو الأرشد والأفضل اختيار ليس صعباً، ولا بديل عنه فى الحفاظ على اللغة والهوية فى الظروف الراهنة. وليس هناك من شك فى أن هذا الجهد الإعلامى يمكن أن يحقق هدفه على نحو أفضل، وفى وقت أقصر، لو توافرت الإرادة الحقيقية المخلصة الرامية إلى احترام اللغة وتقديسها.