ما أجمل أن تقترب الدراما من واقع الإنسان وأن تعبر عن آلامه وأحزانه وأنّاته وشجونه..ما أعظم ان تكون الدراما محرضًا رئيسيًا على إحقاق الحق والعدل وما أروع أن يكون الأداء التمثيلى للفنان صادقًا ومعبرًا عن صدق وأبعاد الشخصية النفسية والمجتمعية والاقتصادية التى يقوم بأدائها هذه هى العناصر التى تحققت فى مسلسل فاتن أمل حربى الذى تجسد فيه النجمة الصادقة نيللى كريم دور السيدة التى شاءت الظروف ان تكون مطلقة وتحطمت آمالها فى المستقبل وانعكس ذلك على مستقبل أبنائها الذين يدفعون ثمنًا غاليًا لصراع الزوج والزوجة.
إن تاريخ الدراما المصرية فى تناول قضايا الأحوال الشخصية تاريخ ملىء بالتجارب الرائدة فلن ننسى أبدًا فيلم «أريد حلًا» لأستاذتنا الكاتبة الصحفية الكبيرة حُسن شاه والذى قام ببطولته الفنانة الكبيرة فاتن حمامة والذى عبر بصدق شديد عن حالة المرأة المطلقة فى تلك الفترة الزمنية ودفع الدولة إلى تعديل قانون الأحوال الشخصية ولا أنسى الدور الهام الذى لعبته العظيمة أمينة رزق فى هذا الفيلم فى مشهد واحد أبرزت فيه معاناتها حتى طلقت بعد خمسين سنة زواج وكيف أصبح حالها.. ولا أنسى أيضًا فيلم «آسفة أرفض الطلاق» الذى كتبته المبدعة نادية رشاد وأخرجته المخرجة الكبيرة أنعام محمد على فى عام 1983 وقامت ببطولته الفنانة الكبيرة ميرفت أمين والذى أيضًا ناقش قضايا الأحوال الشخصية وكيف ان المرأة لها حقوق كثيرة وأنها ليست حقوق الرجل وحده..
إن الدراما التلفزيونية استطاعت خلال السنوات الطويلة الماضية ان تعبر عن مشاكل المرأة خاصة فيما يخص قوانين الأحوال الشخصية وما يحيط بها من مشاكل كثيرة وآليات سواء فى التشريع أو فى التنفيذ وهنا نقف عند مسلسل فاتن أمل حربى فهو امتداد طبيعى لاتجاه الدراما لتصحيح أوضاع خاصة بالمرأة المطلقة وأرى أن هذا المسلسل بمثابة الصرخة أبدع فيها جميع مبدعيها خصوصًا أن الفكرة متميزة لأنها تمس الإنسان وتعبرعن مشاكل موجودة حاليًا فى محاكم الأحوال الشخصية تطول آلاف الحالات الذين لهم مشاكل وآلاف الأطفال الذين تشردوا نتيجة خلافات أسرية.
إننى أدعو جميع الجهات المعنية ممثلة فى مجلس النواب والمجلس القومى للمرأة برئاسة العزيزة الدكتورة مايا مرسى وجميع الجهات المنوط بها حماية المرأة فى تعديل التشريعات اللازمة واتخاذ اجراءات جديدة لحل مشاكل المرأة المطلقة وإذا كان هذا المسلسل يعبر عن حال فاتن أمل حربى لكن أتصور أنه هناك الكثير من آلاف الحالات مثلها تحتاج إلى تدخل تشريعى وحقوقى لتعيد الانضباط فى العلاقة بين الزوج والزوجة، خاصة عندما ينفصلان وتعيد الحقوق المسلوبة للأبناء الذين يدفعون ثمنًا غاليًا للصراع الدائر بين الأب والأم بعد انفصالهما تحية لمبدعى هذا العمل لكاتبه ومخرجه ومنتجه وأبطاله، خاصة النجم الموهوب شريف سلامة والنجمة الكبيرة نيللى كريم وننتظر أن يكون هذا العمل محركًا لاتخاذ إجراءات جديدة لضمان حقوق المرأة المصرية بعد طلاقها.