رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

نحو المستقبل

مما لاشك فيه لدى أى مسلم أنه لا إله إلا الله ، فهذه العبارة بالنسبة له ولكل مسلم هى عماد الدين ؛ فبها يدخل الاسلام وبها ينجو من عذاب الله وبها ينال شفاعة سيد الخلق ورسول الانسانية محمد صلى الله عليه وسلم ، وهى جوهر التوحيد واعلان البراءة من الشرك والعصيان لأوامر الله ونواهيه ، فضلا عن أنها العبارة التى دعت إليها الديانات التوحيدية عبر التاريخ الانسانى ومصداق ذلك فى قوله تعالى " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لاإله إلا أنا فاعبدون ". ومن المعروف لكل مسلم أيضا أنها – أي هذه العبارة – هى أفضل وأهم وأعلى شُعب الايمان ؛ فقد قال رسول الله "الايمان بضع وسبعون شعبه أفضلها قول لاإله إلا الله ... والحديث يطول عن الاعجاز  اللغوى لهذه العبارة بما تضمنته من نفي واثبات وعن فضل هذه العبارة ومغزاها الدينى .

لكننى حينما أتأمل هذه العبارة من منظور عقلي بحت متجاوزا دلالاتها الأخرى أجد أنها ليست فقط أساسا للايمان وجوهرا للدين ، بل هى أيضا تمثل مدخلا  وأساسا لحياة مثالية يمكن أن يحياها الانسان كفرد أو كجماعة  ؛ فاذا ماقالها أى انسان عن يقين وايمان واخلاص حقيقي أكسبته الثقة فى نفسه وأكدت استقلاليته  وفى أنه ليس مدينا لأحد فى هذه الدنيا وليس لأحد إلا الله فضلا عليه ، وفى ذات الوقت أدرك مع ترديده لها أنه قريب الصلة بالله الواحد الأحد فى السر والعلن ، ومن ثم فعليه الالتزام بها قولا وعملا وأن يكون عمله خالصا  لوجه الله تعالى وليس ارضاءا لرئيس أو منفعة لمرؤوس . إن من تيقن أنه لاإله إلا الله لم يعد خاضعا لأحد إلا له ، ولم يعد مدينا بالوجود إلا له ، ولم يعد يخشى إلاه ، ومن ثم عمل بذلك إذ لامعنى للتفوه بهذه العبارة إلا إذا اقترن القول بالفعل والعمل ؛ إذ كيف أومن عن يقين بأن كل ماعدا الله لادخل له فى وجودى وفى حياتى ثم ألجأ إلى طلب العون من غيره ؟! كيف أومن عن يقين أنه لا إله إلا هو وأتوسل إلى رئيس أو استجديه حسنة أو منفعة ؟! كيف أومن بالله ربا واحدا ولاأخلص فى أداء عملى وان كانت أعين الرؤساء قد غفلت عنى ! كيف يتسق ايمانى بالله  الواحد الأحد مع عدم الجدية فى تنفيذ تكليفاته  المتمثلة فى أوامره ونواهيه ؟!

وبالمقابل إذا ماتأملها بحق أولئك المتكبرون الذين قدر الله لهم أن يتسلطوا على الآخرين أيا كان نوع سلطتهم ودرجة قدرتهم على التحكم بالمصائر والمصالح الدنيوية للمرؤوسين ، لوجدوا أن الحمل ثقيل وأن المسئولية أكبر  ، فهى تعنى بالنسبة لهم أن فوق كل ذي قدرة من هو أكثر قدرة  منه ، وأنهم مهما امتلكوا من قوة فهناك الأقوى منهم . وهذا مايجعلهم أقل عدوانية وأكثر تواضعا بل إن من يتيقن منهم بالمعنى الحقيقي للعبارة التى يرددها سيخر ساجدا ويعامل الآخرين بالحسنى و بالبشاشة الواجبة  والروح الطيبة طالبا رضاهم عن آدائه بل والصفح عن أخطائه إذا أهمل فى شئ يخصهم .

 إن فى تلك العبارة   دعوة  إلى أن يُعلى الجميع من شأن الألوهية فلا يتجبر أحدهم على الآخر ولايظلم أحدهم الآخر ، دعوة لأن يعمل الجميع بأقصى جهده متقنا عمله لوجه الله وليس لارضاء أحد ، دعوة للتعاون والتراحم بين البشر رؤساء ومرؤوسين ، دعوة لأن يسود المجتمع الانسانى  قيم الحرية الفردية والمساواة بين كل البشر فى الحقوق والواجبات ، دعوة لأن يشارك الجميع كل حسب قدراته ومؤهلاته وبكامل طاقته فى بناء مجتمع العدالة والرخاء للجميع دون تمييز من أى نوع ، حيث لا  إله  إلا الله .. والكل فى ظل رعايته وعلى أرضه سواء..

[email protected]