عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

لا يزال ارتفاع الأسعار فى الأسواق المصرية يخيم بظلاله الداكنة على الأجواء، وإن كانت الإجراءات الحكومية الصارمة فى المحاولة للسيطرة على هذا التوحش من قبل التجار الذين أخذوا من الحرب الروسية - الأوكرانية ذريعة فاشلة وكاذبة لتمرير خداعهم على المواطنين، قد أتت ببعض الثمار مع توافر منافذ البيع الموازية من قبل الدولة والقوات المسلحة ووجود الدور الرقابى المتابع لحركة الأسعار داخل الأسواق المختلفة.

ولقد وصلتنى رسائل عدة تعليقاً على رؤية مطروحة حول مسألة الوعى لدى المواطن وتأثيرها الكبير فى مواجهة هذه الهجمة الشرسة غير المبررة من قبل التجار، تستنكر هذا السلوك الذى لا يتسق مع معطيات الإنسانية بوجه عام ولا مع معطيات مسيرة الدولة نحو التنمية والبناء السليم الذى يبدأ من المواطن، إذ يمثل هذا الجشع عقبة فى مرحلة ما بعد الإصلاح الاقتصادى، لأنه بمثابة الفيروس الذى يلتهم كل الإجراءات الحمائية التى تقوم بها الدولة لمواجهة الآثار السلبية لبرنامج الإصلاح من جهة، كما يؤدى إلى ارتفاع نسبة التضخم من جهة أخرى، فالاقتصاد المصرى استطاع أن يكون محل ثقة دولية شهدت بها المؤسسات العالمية الكبرى، لذا فإن هناك ضرورة للتوازن بين ما يراه العالم من أداء إيجابى لهذا الاقتصاد، وبين ما يراه المواطن فى الداخل من أسعار تغرد بعيداً عن سرب هذا التحسن.

لكن رغم كل ذلك تظل هناك حقيقة ليس من الكياسة الهروب من مواجهتها، تتلخص فى السؤال الجوهرى ما الذى يجرئ التجار ويساعدهم على هذا السلوك الجشع، وكيف تعاملنا جميعاً مع هذه الأزمات؟، المؤكد أن للدولة دوراً فى الرقابة على الأسواق، لكنه بلا فائدة ما لم يكن لدينا وعي عام وأساسي فى المشاركة فى الرقابة، وكذلك فى ضبط الاستهلاك، فالإبلاغ عن تجار يخزنون السلع مهم، أو يبيعون بضائع غبر مطابقة، أو يرفعون الأسعار بأضعاف الارتفاع التى سببتها الأزمة، ولهذا فإن الرقابة تبدأ من المستهلك، فلا يمكن أن نضع أمام كل بائع مفتشاً، بل إننا أحياناً نشارك بسلوكنا فى تعميق الأزمة، فعندما نعرف أن سلعة ما سيرتفع سعرها، نتهافت على شراء أكبر كمية، فتشح فى الأسواق، ويتضاعف سعرها نتيجة قانون الندرة، وبالتالى تتفشى ظاهرة ارتفاع الأسعار، وتتنقل من سلعة إلى أخرى، ويتسابق التجار على رفع الأسعار والتخزين.

أما الاكتفاء بإدانة دور الدولة، وأنها المسئولة وحدها عن ضبط الأسواق فهو نوع من الاستكانة، وإلقاء المسئولية، وهذا لا يعنى عدم إدانة أى تقصير من جهة الجهات المسئولة، بل علينا النظر إلى مختلف الأسباب، وليس تعليقها فى رقبة الدولة وحدها، فنحن جميعاً مشاركون فى اتساع الأزمة.