رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

على فكرة

سألنى صحفى أجنبى بدهشة : بماذا تفسرين التأييد الهائل فى الشارع المصرى، لبوتين فى حربه مع أوكرانيا ؟توقفت قبل الإجابة، عند الطريقة التى اعتادت بها وسائل الإعلام الغربية،جمع المعلومات،ليس فقط بالحوار مع النخب السياسية والفكرية المحترفة، ولكن أيضا،بالبحث عنها لدى المواطنين العاديين والبسطاء ممن لا يسمعهم أحد.كان مندوبو تلك الوسائل منتشرين فى كل المدن المصرية أثناء احتجاجات يناير 2011، بل كان بعضهم يشارك فى توجيهها. 

صحيح، سؤال وجيه،لماذا يؤيد المصريون روسيا فى حربها مع أوكرانيا ؟ ولأننى من بين كثيرين لم يندهشوا من التأييد الشعبى فى مصر وحتى فى العالم العربى لبوتين، بل توقعوا ذلك،فقد سعيت لإنعاش ذاكرة سائلى بوقائع التاريخ المعاصر، التى يغمض الغرب العين عنها، بل ويزور أحداثها.. 

ففى العام 1959كانت كوبا التى تبعد نحو 150كليومترا فقط عن الشواطئ الأمريكية،تحت حكم دكتاتور فاسد هو الجنرال « باتيستيا»، وحليف وثيق الصلة بواشنطن.وحين قاد فيدل كاسترو ثورته المدعومة شعبيا،وأطاح بالدكتاتور،كانت وجهته الأولى إلى واشنطن،لطلب دعم الإدارة الأمريكية، لكن الرئيس الأمريكى أيزنيهاور رفض طلبه، وتوقف عن استيراد السكر والتبغ الكوبيين، وفرض حصارا اقتصاديا على كوبا، حزنا على الحليف الساقط.وردا على الحصارأمم كاسترو الشركات الأمريكية، ورفض دفع تعويضات لأصحابها. ولعله قد استلهم خطوته من تأميم الرئيس عبد الناصر لشركة قناة السويس، بعد رفض أمريكا والغرب تمويل بناء السد العالى. 

،لم يكن « كاسترو «حتى ذلك الحين، قد اتجه نحو تبنى الفكر الشيوعى، لكنه بدعم الاتحاد السوفيتى لخططه فى البناء والتنمية، وهو ما حدث مع مصر، أصبح كذلك, فحقت عليه لعنة أمريكا وذيوليها فى الغرب والشرق. وفى العام 1961،أعدت وكالة المخابرات المركزية فى إدارة كنيدى خطة للإطاحة بحكم كاسترو عن طريق الغزو.فأرسلت نحو 1400من الكوبيين الأمريكيين إلى خليج الخنازير فى الساحل الجنوبى لكوبا للقيام بالمهمة، لكن جيش كاسترو، أفشل المحاولة، وألقى القبض على الغزاة، وطالب موسكو بنشر صواريخ سوفيتية على أرضه، لردع أى عدوان أمريكى فى المستقبل على بلاده. 

أرسلت موسكو صواريخ تحمل أسلحة ذرية، وكاد العالم ينزلق إلى حرب نووية بين القوتين العظميين بعد أن أعلنت واشنطن أن نشر الصورايخ تهديد للأمن القومى الأمريكى. ولم تنته الأزمة، إلا بعد تعهد واشنطن بعدم تكرار محاولة الغزو، واحترام سيادة كوبا، والتوقيع فى موسكو بمشاركتها مع لندن والأمم المتحدة على معاهدة حظر إجراء التجارب النووية برا وبحرا وجوا وفى الفضاء، فى كل أنحاء العالم.

حين استقلت أوكرانيا عن روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفيتى عام 1991، وعند توحيد شطرى ألمانيا، تعهد الغرب الأمريكى والأوروبى لموسكو،بحياد أوكرانيا الملاصقة للحدود الروسية،كما جددت صيغة نورماندى التى اعقبتها اتفاقية مينسك 1و2 عام 2014 إعادة بناء الثقة بين روسيا وأوكرانيا، لكن الأخيرة لم تلتزم بها، وأهال الرئيس الاوكرانى الحالى التراب عليها، بطلبه الانضمام إلى حلف الأطلنطى، لجلب القواعد العسكرية الأمريكية على حدود روسيا الاتحادية. اعتبر بوتين ذلك تهديدا للامن القومى الروسى، وأجبره الصمم الأمريكى -الغربى عن الاستجابة للقواعد المتبعة لحماية أمن بلاده على خوض الحرب، فقامت الدنيا ولا تريد أن تهدأ،لأن الولايات المتحدة تعتبر أمنها ومصالحها من الأمور المقدسة،فيما أمن دول العالم بما فيه روسيا بات مستباحا.

شكلت الذاكرة الجمعية للمصريين فطرتهم السليمة التى تتوق دوما إلى العدل، وتنشد المساواة وترفض الظلم والاستعلاء الغربى الأمريكى والأوروبى،وسياسات الاستقواء والحصار والعقوبات ونهب ثروات الشعوب، وتدمير الدول والتمييز بين شعوبها، ولهذا ولغيره يؤيد الشارع فى مصر بوتين. فهل أجبت ؟