رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

تمتلك سويسرا شبكة مخابئ مضادّة للأسلحة الذرية والنووية بإمكانها استيعاب جميع سكانها، وهذه حالة فريدة من نوعها فى العالم، وقد شرعت سويسرا فى بناء هذه الملاجِـئ فى النصف الثانى من الستينيات، تحت شعار «الحياد لا يحمى من خطر الإشعاعات»، لتصل منظومة المخابئ المقامة فى سويسرا لاستيعاب نحو 114٪ من التِّـعداد السكانى لها، وتوصّـلت الحكومة السويسرية إلى أن الفائدة من بناء الملاجئ لا تزال قائمة، ليس فقط فى حال نشوب حرب، وإنما أيضاً لمواجهة أى هجمات إرهابية محتملة قد تكون بالأسلحة النووية أو فى حال حدوث كوارث طبيعية أو حوادث كيماوية.

ويبدو أن العالم الآن قد تجاوز مرحلة أعتاب وأبواب الحرب العالمية الثالثة ليدخل فى نفق الحرب بالفعل، فى انتظار إشارة البدء لتلك المأساة، لنرجع بعقارب الزمن للعام 1939 وبداية نزاع عالمى أنهى حياة ما يقرب من 60 مليون إنسان فى الحرب العالمية الثانية.

وحسب ما تداولته الصحف فقد أشارت معلومات استخباراتية حصلت عليها الولايات المتحدة، إلى أن روسيا تخطط لشن هجوم وهمى على أراضيها لتبرير غزوها لأوكرانيا، وحددت هذه المعلومات موعد هذا الاجتياح خلال أيام قليلة.

على الجانب الآخر، نفت روسيا نيتها شن مثل هذا الهجوم على الأراضى الأوكرانية، واتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية واشنطن بأنها تدير حملة إعلامية ممنهجة عن غزو روسى مزعوم لأوكرانيا، وأن الأمر لا يتعدى كونه نوبة هيستيرية الغرض منها هو تصعيد الموقف.

أيًّا كانت الدوافع والأسباب والحقائق، ومن سيطلق الرصاصة الأولى فى هذا الصراع، فإن تأثير هذه التوترات سيلقى بظلاله على العالم أجمع، سواء بالعقوبات التى تنوى أمريكا تطبيقها على روسيا، فى حال شنت الأخيرة حربا على أوكرانيا، أو بالنتائج المباشرة وغير المباشرة المترتبة على هذا الصراع وتحديدًا فى مجالات الطاقة والغذاء، خاصة وأن روسيا وأوكرانيا تعدان من أكبر مصدرى الحبوب فى العالم.

وتعتبر أوكرانيا سلة غذاء لها تأثيرها على الأمن الغذائى العالمى، إذ تعتبر صادراتها الزراعية سريعة النمو كالقمح والحبوب الأخرى والزيوت النباتية وغيرها، ضرورية لإطعام العديد من الدول فى أفريقيا وآسيا، ويتركز جزء كبير من الأراضى الزراعية الأكثر إنتاجية فى أوكرانيا بمناطقها الشرقية، وهى تلك الأجزاء الأكثر عرضة للهجوم الروسى المحتمل، كما تشير التقارير المتابعة لهذا الصراع.

وتشير التقارير أيضًا إلى ازدياد تأثر الأمن الغذائى فى العديد من البلدان، خاصة الدول النامية التى تعتمد على استيراد الحبوب من أوكرانيا وروسيا فى ظل وجود مثل هذه التوترات.. وعلى سبيل المثال وحسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة « الفاو» ونشره العديد من المواقع الإخبارية، فإن حوالى نصف القمح المستهلك فى لبنان فى العام 2020 من أوكرانيا، ويستورد اليمن 22% وليبيا 43% من إجمالى استهلاكهما من القمح الأوكرانى.

السؤال فى ظل هذه التوترات وتلك الغيوم، كيف ستتأثر مصر؟.. وكيف يمكن معالجة ومواجهة الآثار المترتبة عليها خاصة وأن مصر من أكبر الدول المستوردة للقمح بشكل عام؟ وهل استعدت الحكومة بالفعل للسيناريو الأسوأ- الذى بات وشيكًا أن يقع- وهو غزو روسيا لأوكرانيا؟.. والأهم كيف نتعلم من درس سويسرا فى الماضى لنتجنب الأخطار التى تحيط بنا ولا ذنب لنا فيها؟

إذا كان شعار: الحياد لا يحمى من خطر الإشعاع فى الستينيات قد جعل سويســرا توفر مخبأ لكل مواطن، فالحياد وحده الآن لا يكفى أيضاً لتأمين احتياجاتنا من الغذاء والدواء والعيش الآمن، فى ظل هذا العالم الملىء بالمفاجآت والتوترات، وتغيير قواعد اللعب باستمرار وفى طرفة عين.

على الحكومة بكل مؤسساتها ورجالها، وضع خطط عاجلة لتوفير البدائل لسد احتياجاتنا من القمح تحديدًا فى الحاضر والمستقبل، فالحروب لا ترحم أحدا، وإن وقفت على الحياد، حفظ الله مصر وشعبها.

[email protected]