رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

على مدار خمسة أيام، ظلت عيون العالم كله منتبهة مشدوهة تنتظر وتتابع فى بث حى عبر المنصات المختلفة مأساة الطفل المغربى ريان، الذى سقط فى بئر عميقة تجاوزت الثلاثين مترا، فى شمال المغرب، كان الجميع يحدوه الأمل وانطلقت الدعوات والصلوات فى شتى بقاع الأرض تتضرع راجية أن يخرج الطفل الصغير حياً، لكنه قدر الرحمن الذى رحمه من الدنيا إلى جواره، وصُدم كل من كان ينتظر أن يرى ويسمع خبرا طيبا بشأن ريان، الذى تُوفى بعد إخراجه ونقله إلى المستشفيات.

فإذا ما تأملنا كل هذا المشهد برمته سنكتشف كثيرا من المفارقات، غير أن أبرزها هذا التعلق الكبير والمتابعة المستمرة من مواطنى العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه، والاهتمام بحنو كبير وخوف ورجاء بأمر ريان الطفل الذى لا يقوى بعد على معارك الحياة وهو الطفل البريء، لكن ليست المتابعة فى حد ذاتها هى ما يثير العجب، فالطبيعى أن تكون الإنسانية والرحمة سمة أصيلة فى الإنسان، لكن ما الذى يمنع هذا الإشفاق وهذا الخوف والنداءات وكل معنى للرحمة بأن تتجه أيضا نحو أطفال فى أماكن كثيرة من العالم تتألم وتعانى وتجوع وتعرى وتفقد ذويها بل وتفقد حياتها جراء الحروب بالوكالة وجراء الاحتلال وبالبرد الشديد وبالإهمال والأمراض، ملايين من الأطفال فى مناطق أخرى من العالم العربي، يعيشون الجوع والخوف فى مناطق الحروب، والبرد القارس فى مخيمات بائسة فى العراء.

وربما ما لفت الانتباه لواقعة الطفل البريء ريان تلك التغطية الحية وتسليط الضوء على موقف إنسانى عسير وضع الجميع أمام العجز وأمام المسئولية المشتركة تجاه كل طفل فى العالم يلقى مصائر تختلف عن ريان فى تفاصيلها لكنها تشبهه فى الفاجعة، فهل يجد أطفال كثر فى سوريا أو اليمن أو غزة تعاطفًا يحرك قلب العالم الجامد الجاحد، لماذا لا يكون مشهد ريان المسكين وفاجعة والديه بداية للفت الانتباه لمأساة أطفال آخرين، مثل أطفال سوريا الذين لا يزالون يعانون ويلات الحرب وصاروا أول ضحاياها سواء بالاقتتال أو النزوح إلى مخيمات لا تقى ويلات الطقس شديد البرودة، مع الحرمان من المدارس ونقص المواد الغذائية، فضلا عن الأطفال الذين قتلوا خلال تلك الحرب، وكذا مئات الآلاف من الأطفال اليمنيين يموتون سنويا نتيجة الأمراض الفتاكة، وهم يعانون من سوء التغذية الحاد، كما يمر أطفال غزة بتجارب عدة لحروب تتجدد من وقت لآخر، وكبر من نجا منهم وهم يحملون ندوبًا نفسية غائرة للمشاهد التى مرت بهم خلال تلك الحروب، وكذلك الأطفال ببعض الدول الإفريقية ممن يعانون مأساة المجاعات بمجاهل إفريقيا، لم ينتبه لهم العالم.

إن كل أطفال العالم هم فلذات الأكباد تمشى على الأرض أولى خطواتها، فلنوقظ ضمائرنا الحية ونسعى معاً لإنقاذ الطفولة من شر الحروب والمجاعات والاحتلال والمرض والفقر والإهمال، ولننظر لهم بروح الإنسانية التى غابت وأيقظها ريان.