رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كانت البشرية على موعد مع حدث استثنائى بحلول ربيع 1973، حيث اجرى مارتن كوبر المهندس بشركة موتورولا للاتصالات محادثة هاتفية من أول تليفون محمول، وسط ذهول المارة وأدلى كوبر بتصريح مثير «تملكتنى فكرة تحويل المنتجات إلى أشياء محمولة».

ومع تسارع وتيرة التطور التكنولوجى لاستخدامات هذا الجهاز السحرى أضحى بمثابة صندوق أسود يحوى أسرار الجانب المظلم لشخصية من يحمله، والذى يسعى جاهدًا لحجبها عن أعين المجتمع ومن هنا جاءت فكرة الفيلم الإيطالى غرباء بالكامل «Perfetti sconosciuti» والذى عرض‏ فى فبراير 2016 وحقق نجاحاً تجارياً ونقدياً واعتبرته شبكة نتفليكس تجسيدًا رائعًا لفلسفتها التسويقية والتى تهدف إلى خلق نظام اجتماعى مغاير، عن طريق عولمة السلوك البشرى بالتطبيع الناعم مع المثلية الجنسية باعتبارها خيارًا طبيعيًا, والتسامح مع الخيانة الزوجية, وتشجيع ممارسة الجنس للمراهقين, وهى تدرك مسبقًا أن هذه الأفكار الغريبة تمثل صدمة عنيفة لثوابت وقيم المجتمعات المحافظة وربما تفتح الأبواب الموصدة للنقاش والجدال، حول ما هو متفق عليه إنسانيًا بالضرورة.

لذا تم إعادة إنتاج هذه التيمة الفنية 18 مرة بلغات مختلفة كانت اخرها العربية، والذى حمل اسم «أصحاب ولا اعز»، حيث يدور حول دراما المكان فى عشاء خاص يجمع مجموعة من الاصدقاء بمناسبة ظاهرة خسوف القمر والذى يعد دراميًا ذا دلالة رمزية، أطلق عليها عالم النفس «كارل يونج» متلازمة القناع والظل، فبعض الناس لهم هلال جميل مضىء يخفى وراءه جزءا مخسوفا ينضح برائحة القذارة الحيوانية, ففكرة انكشاف القناع المزيف للعامة تصدم أولاً الشخص نفسه، إذ يرى باطنه المعوج بجلاء وهو الذى حاول بكل جهده إخفاءه عن نفسه وعن الآخرين ومن ثم صدمة ارتدادية للمحيطين به، إذ يكتشفون شخصا آخر غريبا تضطره تقاليد المجتمع لارتداء هذا القناع المزيف، لذا يتحين الفرصة للتحرر من تلك القيود وساعد طغيان العولمة فجعل البون شاسعًا بين القناع والظل، فلعبة التعرى النفسى تفضح حقيقة الشخصيات المهترئة.

ومن هنا يأتى الربط بين خسوف القمر وتلك النفس الفاجرة المخادعة التى تعيش حياة مزدوجة، فرسالة المحتوى الخبيثة تخلص إلى أن اكذوبة الأخلاق والثوابت الدينية ما هى إلا شعارات فارغة، مصيرها إلى زوال كما زال فى النهاية خسوف القمر.. واننا سواسية مجرد مخلوقات بهيمية ترعى فى مستنقعات الرذيلة لا تملك الحد الادنى من الاستعلاء الاخلاقى، لذا الحل الأمثل أن نتقبل بعضنا البعض ونتعايش مع نقائص ذواتنا كما هي.

لم اتوقف كثيرا عند الهجوم الضارى على صناع الفيلم، وانما هنالك اسئلة حول مفهوم الإبداع عند المتشدقين من ذوى التوجهات المشبوهة وهل سقف للحرية؟ فمسالة الإبداع الفنى حق يراد به باطل لاسيما وان المبدع الحقيقى يملك طاقة روحية هائلة، فقد عرفه افلاطون بأنه هبة إلهية يملك نفسًا نقية تصلح مكانا لتنزّل الجوهر الإلهى. وعلى النقيض يرى فرويد أن الفنان شخص منطوٍ ربما يصل إلى حالة المريض النفسى، وما أعماله الفنية إلا وسيلة للتنفيس عن رغباته الجنسية المكبوتة التى لها منافذ أربعة.. احلام النوم أو اليقظة، التوتر الحسى، أو الإنتاج الفنى، لذا يحاول تجاوز التناقضات والآثار الناتجة عن الكبت والهوس الجنسى، فهناك صراع محتدم بين الأنا الأعلى «Super Ego  «أو العقل والقيم الدينية والأخلاقية ضد الغرائز الشهوانية البدائية.

لذا فإن قيمة الإبداع الحقيقى تتراوح بين حكمة الآلهة أو إغواء الشياطين، ليتهم سمعوا قول تشارلى تشابلن «قبل أن أعرف إلى أين أنا ذاهب، ينبغى أن أصل إلى هناك».